دموع الرجل ..
بقلم | فاطمة روزي
العَبْرَات لا تطرق الأبواب لكي تنذرنا بهطولها أو تخبرنا بموعد وصولها، هي رسائل ممزوجة بقصص منهمرة تروي لنا ما يصعب قوله، للتقليل من جمرة المشاعر المنهكة، أو تحكي عن شموع السعادة المشتعلة، وتبقى تلك الدمعة راحة لكل انسان فيها السلوى والعزاء .
العَبْرَة متعددة ومختلفة بإختلاف أصحابها، الطفل المرأة والرجل، لكن أصعبها دموع الرجل ..! لأنه ذلك القصر من الهيبة الشامخة، الحصن من الصلابة كالجبال الشاهقة، وذو مكانة جليلة كالسماء العالية .
مشاعر الرجل كالعرش العظيم لا تهتز إلا لأمر أقوى منه، ومن ذلك الإهتزاز قد ينتج بركاناً يقذف حمماً بداخله أجراس العواطف المتقدة، فتظهر بحلة دامسة تتبعها تصدعات القهر ، وزلازل الآهات، فتحفر أخاديداً قاحلة بعثرات الزمن العجيب ودهاليزه الغريبة، بصفعات شاحبة تستوطن حانات التجاعيد لتتصاعد ألحان الهموم وزفرات الآلام، وإما تنثر لآلئ براقة على تلك البساتين النضرة، برداء الجمال الجوري، فتجري فوقها عبرات الفرح الإكليلية، تتغنى بالقصائد السعيدة، وتتراقص دموعه دمعة تلو الأخرى بمشاعر البهجة ..
وتبقى الأقوى ما يخفيه بداخله ويكظمه، ولا نعلم كيف ينسج تلك الدموع وكيف يرممها ؟ ما نعلمه أنه ينزف دماً متأججاً، وروحه تضطرم كالعاصفة الهوجاء من شدة ما يكتوي بنارها، مملوءًا ببئرٍ من أنغام الأحزان المحتدمة، فتبيّض عيناه لتصبح مرآةً تعكس لظى تلك الكتلة من الأحاسيس الهرمة، فيجب أن نعلم أن ذلك الرجل ليس إلا بشراً يحمل بين جوانحه قلب ينبض، وتلك الدمعة التي ذرفها ليست إلا شجاعة وأنفة، وليست ضعفاً وانكساراً كما يعتقد البعض .
همسة :
أسأل الله جلّ في علاه أن لا تنهمر دمعة رجل إلا من خشية الرحمن أو قناديل فرح مسكوبة .