بدل حياة ..
بقلم | عبير الحارثي
لكلِّ إنسان رغبةٌ في العيش الرغد في هذه الدنيا، من دون تعرض لمصاعب وتهديدات، ولكن بعض الرغبات تحكمها الاختيارات، وقد يصبح لوطء المخاطر والمصاعب لذةٌ ومذاقٌ خاص؛ كاختيارك – مثلاً- للمسار الصحي، فتقابل الناس وهم في أسوأ حالاتهم النفسية والجسدية، وتكون معهم في رحلة استعادة عافيتهم بعون الله، ثم بالجد والمساعدة قدر الإمكان في اكتشاف مرضهم بدقة، وهذا بالطبع يحتاج مجهودًا كبيرًا، ويجعلك عرضةً لمخاطر عظيمة كالعدوى أو خطر الإشعاع. ولكن على الجهة الأخرى يأتيك ردّ مديرية الشؤون الصحية بأنك لا تستحق أن تصرف لك بَدَلات؛ بحجة أنك موظف على الباب الثاني (التشغيل الذاتي)، أو بمماطلة موظفي الباب الأول، وبالرغم من أن هنالك نصًّا قانونيًّا في نظام الخدمة المدنية يساند موقفهم، فإن الأغلب يلجأ إلى المحاكم الإدارية ومن ثم الاستئناف للحصول على حقه.
من المسؤول عن مهزلة البدلات في وزارة الصحة؟! لماذا يتم تصنيف الموظفين في صرف هذه البدلات، سواء للباب الأول أو الثاني، مع أن الكل قد وقف وقفة رجل واحد في التصدِّي لأزمة كورونا، والتي لم يصنفوهم وقتها، ولم يعتذر أحدهم بأن فلانًا يأخذ البدل الفلاني وأنا لا! ولا يقول قائل: فلماذا إذن طالبوا بحقهم الآن؟! هل يُعدَّون انتهازيين، مع أنه حقٌّ لهم؟! فهذه معاناةٌ مستمرة منذ سنوات طويلة، لم تجد من يضع لها حدًّا؟! حتى إنك تجد في النهاية أنه إذا أُصيب هؤلاء الموظفون أو أصبحوا عاجزين بسبب إصابتهم في العمل؛ خسروا تعب سنوات دراسة وعمل صعب، بل يصل الأمر ببعضهم إلى أن يخسر حياته.
أرجو من المسؤولين أن يستمعوا إلى أصوات هؤلاء الموظفين، ويجلسوا على طاولة مشتركة لإنهاء هذه المشكلة بحلٍّ يُرضي جميع الأطراف، بدلاً من إلجائهم إلى المحاكم لصرف مستحقاتهم، فهؤلاء الموظفون قد بذلوا ما يملكون بكل حُب لتعود الحياة إلى طبيعتها، فأنصفوهم وزُفوا لهم خبر إنهاء معضلة بدلات الصحة وكأنه بدل حياةٍ عاشوها بمشقَّة، ولتكن هدية نهاية عامهم الأصعب 2020 وتتويجاً لجهودهم الجبارة.