خاطرة شتاء ..



بقلم | عبدالرحمن العمري

حل الشتاء وانتصف، وولى وقت القيظ وانصرف ،وكأنه لن يعود، وهذا إحساسنا بين البحث عن الدفء الموجود والمفقود، تواجد البرد في الروح اشد وأعظم من تواجده في الجسد .

فبرد الجسد مجرد رداءٍ أو غطاءٍ أو سخان هواءٍ يوقفه ، ولكن برد الروح يبقي الإنسان كالتائه بين العصور ، بماضٍ لايعود، وحاضر مفقود، وطريق مستقبل مسدود، أو كتائهٍ بين قصور عظيمة، فليست مسكناً له ولا يعرف أحد ملّاكها فليس لها أي قيمة ،فهو يدور ويدور ، ولا يدرك متى يتوقف، ولا يدري أي صور قصر ٍيرتقي، وبمن في هذا الطريق يلتقي ،مع علمه أنه محصور بما تمليه ذاته، وتماشت معه رغباته ، واستطاب السبات، وكثرت الغفوات ، مع أنه من أصحاب القصور وأهلٌ لها ، ولكنه استيقظ يحاول استدراك الجموع بعينان ملأى بالدموع وصوته لم يكن مسموع، إلا نفسه المسكينة سمعت خطوات الأمل راحلة، دقات قلبه لم تخبره أن (الحياة دقائق وثواني) ، بل أخبرته أنها معه في أي خيار غبيّ أو عبقريّ، ليست إلا استمراراً للحياة دون ردة فعل على حسن تصرفه أو سوءه .

وهنا ظهر بصيص نور من الأفق، ينير له دربا وهو ماضٍ به، ولكن الغريب أنه متصالح مع ذاته، يضع رأسه على فراشه فينام، ولا ينتظر أن تأتيه الأحلام ، بل هو من يذهب إليها، وبدأ يصرّ على أن يمسك بزمام الأمور وكأنه يمسك مرساة سفينة، فيمسك الحبل تارةً ويفلت أخرى ، والمرساة ثقيلة ولكن ليس بيده حيلة، الغريب أنه بدأ يدرك موقعه ، فنظر حوله ورأى مالم يكن بالحسبان .

رأى أن أحلامه ليست مهمه، ليست كما كانت ، بل بدأ يدرك أنه أدرك أحلامه فعلاً، ونسي مالديه وليس لدى غيره، فهو سعيد ولكنه لا يدرك ذلك، نظر لوجهه بمرآة الزمن ، فقام يدفئ صورته ليشعرها بدفء الروح ، وتلاشت جميع الخواطر بمجرد أن تذكر الخالق الواحد الأحد، فرفع كفيه وشكى جميع ما أهمه اليه.