لا تتركني ..
بقلم | فاطمة روزي
رغم سعة العالم بصدره الرحيب، وشمس تنسج إشراقة جمال يذيب، وترحل ساعات الماضي مع شفق المغيب، إلا أنه يباغتني ديجور الإحساس القاتل بالوحدة، فينسج بأركاني شعوراً حالكاً مهيب، يرهق كاهلي الغض براثن صراعات علقم الهموم العجيب، التي تنخر أرصفة عظامي حتى النخاع فلا أجد منها سوى النحيب .
كأن لهيب نيران العبودية تأسر حانات أعماقي الحالمة، زنزانة من طسم تفقدني قناديل البصيرة، قيود الزمن تكبلني فلا أقوى على المُبارحة أو التحرر، لا أعلم سوى أنني أهوى في عمق عواصف عاتية، تحاول اقتلاعي من الجذور لتمزقني أشلاء ثم تنثرني في بيداء الآلام، فأحاول دوماً لملمة تأَبُّش رفاتي في أقداح اليقين التي تستظل بشموع الصبر العظيم .
لما أحتضر ..؟ وروحي لا تزال في صدري تتنفس وميض الأمل الساحر، لماذا تجردون كل ألحان الفرح وقيثارة أبواب الرجاء المرصوفة بين كثبان قلبي ..؟ لن أستسلم لشطط البشر المريب، وأستمع لتلك الأباطيل، ولن أبقى على قوانينهم التعسفية لإبادة ظمأ وجدي الهادئ، ولن أهوي بمضغتي التي أصابها الوجوم لجمرة الأطلال الرمادية .
رغم علمي أنك طيف بعيد المنال، أضغاث أحلام في كل الأحوال، لكن سأبني أعمدة صروح الثقة بضياءٍ ثاقب، واحفظك في أصقاع فؤادي بفتنة عناق سرمدية لا تنطفئ، لتنعش مروجي الواهنة فتبقى خضراء تزينها بألوان الحب الأبدية الدافئة، فتبقى مشاعل الإشتياق تترنم في مرافئ الحنايا، تطوف سبعاً بالنصر المؤزر في تاريخ الهبات المتلألأة برداءٍ رؤوم .
إياك أن ترحل قصيًا، لا تتركني في غيابة الجب أصارع عدوًا غامضًا، يمكث من حين إلى حين في رحم السعادة، ليخطف مني أجمل سنين عمري، لذلك سأمتطي صهوة الأمنيات، أرفع أكف الدعوات، وأغفوا على أروع النغمات، لأحيا معك وبكَ فقط في مدينة هيام الراحة المقدسة بماء طُهر الوئام، على تراتيل أجنحة السلام .
ومضة :
كم أشتاق إلى نصفي المفقود .. هل سيفي الزمن بتلك الوعود .. وبالأمال والعطايا يجود ..؟