“رجلٌ فقيرٌ يمثلُ الانسانيةَ بأجملِ صِفاتها “
بقلم أ:” عبدالله الحارثي ”
قال علي بن محمَّد التهامي:
أُسدٌ ولكن يؤثرون بزادِهم
والأُسد ليس تدينُ بالإيثَارِ
يتزيَّنُ النَّادي بحسنِ وجوهِهم
كتزيُّنِ الهالاتِ بالأقمارِ
مشهد عن الف الف مليون كتاب
مشهد يعطيك حقيقة الانسان وعمق الانسانية
مشهد مؤثر جدا جدا جدا
وصدق الله حين قال :” هل حزاء الاحسان الا الاحسان”
نحتاج لاحساس عميق مثل هذا الاحساس
رجل مشرد وليس له عمل يتقوت منه
وليس له مأوي يتجه اليه
ولا مكان ينام فيه
يفترش الارض ..ويلتحف السماء
وعند سماعه لحاجة اخوه …يبيع كل ما امتلكه وهو يحتاج اليه …ثم يقدمه للرجل الذي احتاج ؛ شيء عجيب ومشهد مؤثر وصورة جميلة لاجمل انسان في هذا الزمن المتلاطم بالفتن .
حقيقة ابهرني المشهد وتمثلت من المشهد بهذا البيت الذي يقول فيه شاعر الكرم “حاتمٌ الطَّائي” :
وإنِّي لأستحيي صحابي أن يروا
مكانَ يدي في جانبِ الزَّادِ أقرعا
أقصِّرُ كفي أن تنالَ أكفَّهم
إذا نحن أهوينا وحاجاتنا معا
هو مشهد حقيقي ليس من واقع الخيال .
حقيقة يجب ان نعيها فليس كل مشرد وسائر في الطرقات لوحدة شبح او شيطان .
بل قد يكون ملاك ولكن ظروف الزمان والمكان كانت اقوى منه.
ليس كل من ابتعد عن الناس لظروفه او لحالته الصحية انه جاف الطباع او شخص متكبر او انسان عديم الاحساس بل قد يكون آثر البعد حتى لا يؤذي غيره .
هذا الرجل في المقطع طبق اعظم آية في كتاب الله :”
قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وقوله تعالى :” قوله تعالى: (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ).
لسان حال هذا الرجل كما قال الشاعر :
وتركي مواساةَ الأخلَّاءِ بالذي
تنالُ يدي ظلمٌ لهم وعقوقُ
وإنِّي لأستحيي مِن الله أن أُرَى
بحال اتِّساعٍ والصَّديق مُضيقُ
تخيل معي ايها القاريء الكريم:-
بأن هناك إعلان عن وظيفة ما بمرتب مجزي ، وذهبت للتقديم وهناك وجدت زميل لك أجدر منك ، يقدم أيضاً على هذه الوظيفة وأثناء المقابلة الشخصية مع صاحب الإعلان ، اتضح لك أنه في حيرة من الإختيار بينك وبين زميلك ، هل ستتنازل عن هذه الوظيفة أم ستكون شخصاً أنانياً؟!
هنا تظهرصفة الإيثار والتي تتطلب منك الكثيروالكثير من التنازلات مقابل إسعاد الأخرين.
ومن هنا نحن في أمس الحاجة لتدريب النفس على هذه الصفة الجميلة عواقبها،
وصدق الشاعر وهو يتنثل بهذه الابيات :-
عجبتُ لبعضِ النَّاسِ يبذلُ ودَّه
ويمنعُ ما ضمَّت عليه الأصابعُ
إذا أنا أعطيتُ الخليلَ مودَّتي
فليس لمالي بعدَ ذلك مانعُ
– في لحظة الضعف تولد القوة مع الايمان بان كل شيء بقدر الله عزوجل وان الله سيعوضك لا محالة .
– في لحظة الحاجة تظهر المعجزات ويتبين الرجال
في المواقف وتتضح الخفايا ويظهر لك الصادق من الكاذب.
ايها القاريء الكريم يعتبر الإيثار أي تفضيل الغير على النفس من السمات القويمة التي تكسب صاحبها المحبة والفضيلة ومن أفضل الأمثلة والمواقف التي ضربت في الإيثار كان موقف أبي طلحة الصحابي الجليل عندما أكرم ضيفاً وأطعمه من طعام أولاده الصغار وفضل الضيف على أولاده وكانت تلك القصة مضرب المثل في الايثار باجمل صوره.
اخيرا لعلي اقف معكم وقفات في نقاط:
– تذكر ان ما تبذله لغيرك سيعود حتما عليك لا محالة باذن الله والدليل :” ماعندكم ينفذ وماعند الله باق “وقوله تعالى :” قدموا لانفسكم ” فالتقديم هنا نتيجته في الدنيا قبل الآخرة باذن الله وماعند الله خير وابقى.
– ان ما تتخلى عنه وتتركه هو لك، وما تخبئه وتتحفظ عليه يذهب لغيرك.
– اعلم اخي ان الجود ليس أن تعطيني ما أنا أشدّ منك حاجة إليه، وإنّما الجود أن تعطيني ما أنت أشدّ إليه حاجة مني ؛ والكريم يحس نفسه غنياً دائماً ؛ ولسان حاله كما قال الشاعر :-
إنَّ الكريمَ ليُخفي عنك عُسرتَه
حتى يُخالَ غنيًّا وهو مجهودُ
وللبخيلِ على أموالِه عللٌ
زرقُ العيونِ عليها أوجهٌ سودُ
ختاما فلنحاول تعليم انفسنا وابناءنا الكرم والإيثار، لان الحياة مع انفتاحها علينا او تضييقها تعلمنا المنع لا العطاء والبخل لا الكرم.
والنفس لديها حب التملك ولا ترغب في العطاء ويجب ان تدرب نفسك على البذل والعطاء حتى يعطينا الله ؛ فان الله يدعوكم الى دار السلام ؛.
ويكفيكم ان الله ببذلكم سيقيكم ما اهمكم من امر الدنيا والآخرة وصدق رسولنا عليه الصلاة والسلام حينما قال :” من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة ” .