أبناء المملكة في الخارج بين أداء الواجب والحنين إلى الوطن



كما أن للمملكة جنوداً يذودون عنها في وجه الأعداء في سبيل أمنها ورخائها، فإن لها جنوداً من نوع آخر خارج حدودها يؤمنون مصالحها، ويخدمون رعاياها وضيوفها في شتى بلدان العالم.

ومن بين هؤلاء الجنود موظفو سفارات وقنصليات المملكة في مختلف الدول، الذين أخذوا على عاتقهم تمثيل بلادهم أحسن تمثيل، وضمان مصالحها في الخارج وتقديم أرقى الخدمات لرعاياها وضيوفها على حد سواء.

ورغم استشعار هؤلاء الموظفين بأهمية ونبل وظيفتهم، فإن الحنين لأرض الوطن الغالي ولدفء العائلة، يتأجج في أنفسهم في مناسبات كثيرة وخاصة مع حلول شهر رمضان المبارك.

ومن بين هؤلاء الموظفين مروان الحربي, الذي انضم إلى البعثة الدبلوماسية للمملكة في تونس منذ سنتين تقريبا، حيث سيقضي ثاني رمضان له في تونس بعيدا عن أرض الوطن وعن دفء العائلة.

ويؤكد أنه ككل سعودي محب لوطنه لم يتردد أبدا في مغادرة الوطن والانضمام للبعثة الدبلوماسية للمملكة في تونس، لتمثيل المملكة أحسن تمثيل، وتقديم أجود الخدمات لضيوف المملكة من زائرين، ومعتمرين، وحجاج تلبية لنداء الواجب، ودعما لمكانة المملكة في الخارج .

ويضيف ” أنا على يقين بثقل الأمانة التي نتقلدها لخدمة وطننا الغالي، وأنا حريص كما هم زملائي على خدمة ضيوف المملكة، وإننا ولله الحمد صرنا بمثابة العائلة الواحدة تحت رعاية سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تونس الدكتور عبدالعزيز بن علي الصقر الذي يحتل مكانة الأب بالنسبة لنا”.
وأشار إلى جانب اللحمة التي تربطه بزملائه المواطنين والمقيمين في تونس فإنه استطاع التأقلم مع الكثير من التونسيين الذين قال إنهم اعتبروه واحدا منهم، وعوضوه نوعا ما عن رفقته في المملكة.

سالم العطوي الموظف بقسم استقبال الرعايا السعوديين يؤكد بدوره ” أن الشوق إلى أرض الوطن وخاصة خلال شهر رمضان وللعائلة يغمرني، فالأجواء الروحانية التي تعم المملكة خلال هذا الشهر المبارك لا يمكن أن نجدها في أي مكان آخر في العالم، فعاداتنا وتقاليدنا وحتى أكلاتنا فريدة، وعموما فإن رمضان المبارك له طعم خاص في رحاب الوطن”.

ويبين أنه في المناسبات الدينية خاصة في شهر رمضان يزداد ألم الغربة ليس للموظفين في السلك الدبلوماسي السعودي في الخارج فقط، بل لجميع المبتعثين ويقول ” بحكم طبيعة عملي وتعاملي مع الرعايا السعوديين في تونس، ألاحظ مساعي هؤلاء المغتربين من أجل تجاوز الشعور بالبعد عن الوطن، عبر زيادة اتصالهم واجتماعهم فيما بينهم، وبذل جهود مكثفة في رمضان لخلق أجواء سعودية في منازلهم وخارج منازلهم، فينظم المبتعثون فيما بينهم الموائد الرمضانية ويعملون قدر الإمكان على محاكاة الأجواء الرمضانية في المملكة”.

من جانب آخر, تؤكد الموظفة بالسفارة مريم أنها مع والديها وإخوتها الذين انتقلوا للعيش في تونس، الأمر الذي يخفف عنها الشوق إلى الأعمام والأخوال وبقية العائلة في محافظة جدة, موضحة أن النفس لا تزال تهفو إلى الليالي الرمضانية مع بقية العائلة في الوطن.

أما زميلتها نورة، فترى أن شهر رمضان في الغربة يختلف عنه في الوطن بين الأهل والأقارب والأصدقاء، وتقول: بالرغم من أن الأجواء الرمضانية في تونس لها طابعها الخاص غير أن الأجواء الروحانية في المدينة المنورة التي يعيش أهلها أجواء رمضانية مختلفة تعبر عن روحانية هذا الشهر الفضيل وقيمته في وجدان أهل المدينة المنورة وزوارها.

ويؤكد القنصل بسفارة المملكة لدى تونس أحمد الشهري، أن ظروف العمل ضمن القسم القنصلي في السفارة تحتم على الجميع قضاء شهر رمضان هنا، حيث إن زخم العمل خلال هذا الشهر يتضاعف ،خاصة وإن إخوتنا التونسيين يحبذون تأدية العمرة خلال هذا الشهر كسائر المسلمين، بالإضافة إلى أن أعدادا كبيرة من رحلات العمرة قد تأجلت في تونس بسبب جائحة كورونا، لتتم جدولتها الآن بعد أن من الله علينا بإعادة فتح المشاعر المقدسة في المملكة للزائرين والمعتمرين، ما يتطلب منا مضاعفة الجهود لتوفير التأشيرات الضرورية لضيوف الرحمن وتيسير الخدمات اللازمة لهم.

وعن شعوره بشأن قضاء شهر رمضان المبارك بعيدا عن أرض الوطن، يقول ” إنه رغم اصطحابه لزوجته وأولاده معه إلى تونس، واجتهادهم في محاكاة أجواء شهر رمضان في المملكة من حيث أعداد الأطباق الرمضانية المعتادة، كالسمبوسة والشوربة المحلية وحلويات القطايف والكنافة، بالإضافة إلى تبادل الزيارات وتنظيم الإفطار الجماعي مع بقية منسوبي السفارة، فإن أجواء المملكة وعاداتها ودفء العائلة يبقى له مكانة خاصة في النفس.