عادات مكية .. تزيين الشوارع وتبخير الموائد في شهر رمضان
اعتاد مجتمع مكة المكرمة أن يستقبل شهر رمضان بكل بهجة وسرور استشعاراً لروحانيات هذا الشهر الفضيل الذي تتجدد إطلالته كل عام بصورة مختلفة عن بقية الأشهر، حيث تجد الحركة في الشوارع وتزيينها باللوحات والزخارف إضافة لمداخل المنازل والحارات التي اعتادت أن تقدم تراثها وعاداتها الرمضانية كالأناشيد والمجسات التي ترحب بدخول الشهر الكريم.
وتتركز عادات أهل مكة المكرمة في تعليق المصابيح ذات الإنارة المتنوعة التي تعلن عن دخول شهر رمضان، مع تجهيز بسطات بيع المأكولات الشعبية والحلويات والمشروبات كالسوبيا والشريك والكعك، في الوقت الذي تزدحم فيه الشوارع وتزداد الحركة قبيل أذان المغرب، وأذان العشاء، مع سماع تداخل أصوات المساجد في صلاة التراويح التي تشنف الآذان بسماعها.
وأوضح عمدة حي البياري بمكة المكرمة ناجي سعيد المولد أن من العادات المتوارثة بين أهالي مكة في هذا الشهر الكريم: هي تبخير المائدة الرمضانية، وإقبالهم على شراء اللحوم بأنواعها منها ما هو خاص بالشوربة التي تصنع من بالحب أو الفريك، ومنها ما يتم فرمها، ثم يضاف إليها البصل وقليلاً من البهارات الخفيفة لصناعة “السمبوسك” بأشكالها المعروفة.
وأشار إلى أنه من الوجبات الرمضانية المحببة على مائدة الإفطار “الفول”، الذي يحرص على جلبه قبيل الإفطار بساعات قليلة، في حين لا تخلو المائدة من الحلويات المعروفة في مكة المكرمة كالكنافة أو “الغربالية” والعبارة عن عجين يحشى بالفستق أو اللوز، واللقيمات إضافة للمشروب المكاوي المفضل لدى الجميع وهو “السوبيا” بنوعيها الأحمر والأبيض المصنوعة من منقوع الشعير، وبعضها من كسر الخبز الجاف، والتي اشتهر بها “عم سعيد خضري” منذ أكثر من 50 عاماً، وذلك في مظهرٍ يتجدد كل عام ويدخل البهجة والسرور في النفوس.
وتناول عمدة حي الرصيفة بدر القرني ما يقدم خلال وجبة السحور، من الطبخ المعتاد للخضروات باختلاف أنواعها واللحوم في أشكالها المختلفة كالكباب والمقلقل والمختوم أو المكرونة مضافاً إليها شيئاً من اللحم المفروم، كما لا يخلو السحور من الحلويات كالمهلبية والسوكدانة والألماسية وخشاف الزبيب الذي يغلى ثم يضاف إليه قليل من النشا، منوهاً بعادات رمضان في مكة المحببة بتبادل العوائل فيما بينها للمأكولات التي يتم طبخها في المنزل والمعروف بـ “طعمة”.
وقال: تتميز شوارع مكة المكرمة وحاراتها وأزقتها في رمضان ببسطات البليلة، والكبدة بنوعيها “الجملي” و”الضاني”، التي يعدها أبناء مكة، واستمرت هذه المظاهر على مدى الأزمنة، في حين أن من أجمل المظاهر الشعبية في رمضان والتي تلاشت مع التطور وتغير نمط الحياة “المسحراتي” ونقره على طبله لها إيقاع خاص خاصة عندما يقول “اصحى يا نايم وحد الدايم ” بهدف تنبيه الناس لتناول السحور.
بدوره تطرق عمدة حي الزهراء مشعل البقيلي لحرص المكاويين في نهاية العشر الأخيرة من رمضان على شراء الأقمشة للذكور والإناث والأطفال لتجهيزها للعيد السعيد، إضافة للمستلزمات الأخرى كالفنايل والسراويل والكوافي، والذهاب للخياطين لتفصيل ثياب العيد وهو ما يميز هذا الموسم، مع ازدحام أماكن الحلاقة حيث يذهب الرجال بصحبة أطفالهم وذلك استعداداً لاستقبال العيد السعيد.
إعداد : ناصر فلاتة تصوير : أحمد الشنقيطي