ولائم الموائد الرمضانية .. موروث يحييه أهالي منطقة الجوف



تحمل منطقة الجوف طابعاً مميزاً في شهر رمضان المبارك ، حيث اعتاد الأهالي الاستعداد المبكر لاستقبال الشهر الفضيل ، بمظاهر جميلة تزيد من أواصر الترابط الاجتماعي ، بداية من تبادل التهاني والزيارات ، ومروراً بتفقد أحوال الفقراء والمساكين لتمكينهم من معايشة الشهر وممارسة عباداته ، وإشعارهم بأنهم كغيرهم انطلاقاً من تعاليم الدين الإسلامي التي حضت على الخير والبذل والعطاء .

وتعرف المنطقة بكرم أهلها ، كسمة أصبحت متوارثة على مدى الأزمنة ، والذين يفرحون لاستقبال ضيوفهم وإكرامهم بمنازلهم ، فكيف عندما يتعلق الأمر بفعل الخير وتفطير الصائمين ، وقد حافظ أهالي الجوف على عادة وليمة الإفطار منذ الأجداد وحتى الوقت الراهن ، حتى أصبح الناس يعرفون موعد الإفطار عند البعض سنوياً بنفس ذلك اليوم ، ولازال خاصة كبار السن يحتفظون بهذه العادة التي استمدت منذ عقود من الزمن ، وفي ظل الظروف التي يمر بها العالم مع جائحة كورونا فقد أوقف الجميع هذه المناسبات عملا بتوجيهات حكومتنا الرشيدة وتطبيقاً للإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الفيروس.

وتتصدر “حلوة الجوف” مائدة الإفطار الرمضانية الجوفية ، إذ تشتهر المنطقة بزراعة النخيل تجاوزت المليون نخلة ، تنتج ما يبلغ وزنه 40.000 طن سنوياً أشهرها حلوة الجوف والأكثر رواجاً ، يميزها مذاقها اللذيذ بعد مرحلة الكنز والحشو، إذ تصبح “مجرشة” أو “مدبسة” كما يسميها سكان المنطقة ، والبعض يضيف إليها مسحوق السمح البري وتسمى “البكيلة” عقب مزج التمر بالسمح الذي يستخلص من المراعي البرية بعد هطول الأمطار في المنطقة ، وإضافة السمن البري الخالص أو زيت الزيتون الذي تشتهر به أراضي الجوف ، لتتكون بذلك “البكيلة” ذات الطعم الرائع ، إضافة إلى الفوائد الصحية لزيت الزيتون للجسم الذي جعل من زوار المنطقة يقبلون عليه بكثرة .

كما تشتهر منطقة الجوف ، بأصناف عدة تضاف على المائدة الرمضانية ، ويحرص الكثيرون على تواجدها كـ “المقشوش” ، وهي وجبة عرفت بها المنطقة منذ عهود وتتكون من رقائق خبز الصاج ثم يشرب بالإدام واللحم ، وإذا حل موعد السحور يتناول أهل الجوف وجبات متعددة ، منها الجريش واللخوفة ، فيما يحرص شباب المنطقة في شهر الخير على أداء مختلف الأعمال التطوعية ، وفي مقدمتها تقديم الإفطار على الصائمين أو عابري السبيل .