«احذروا الظلم» ..
بقلم | خلود السالمي
غبت عنكم لفترة قضيتها صيام وقيام مع أبنائي حفظهم الله وأعود لصفحتي لأقول لكم بأن الظلم من أخطر الأمور عند رب العالمين وأرغب في الحديث عنه في الصحيفة الأجمل صحيفة الراية .
لقد حذر الله من الظلم، فقال في الحديث القدسي ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)) رواه مسلم، وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)) الحديث رواه مسلم.
قال ميمون بن مهران: “إن الرجل يقرأ القرآن وهو يلعن نفسه”، قيل له: وكيف يلعن نفسه؟! قال “يقرأ: (ألا لعنة الله على الظالمين) وهو ظالم”، وقال سفيان الثوري، رحمه الله ” إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنبا فيما بينك وبين الله تعالى أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد”، أي بظلمك أحدا من عباد الله، وذكر عن أبي بكر الوراق أنه قال: “أكثر ما ينزع الإيمان من القلب ظلم العباد”، وكان يزيد بن حكيم يقول: “ما هبت أحدا قط هيبتي رجلا ظلمته، وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله، يقول: حسبي الله، الله بيني وبينك” فالظلم حرام، وحتى ظلم الكافر لا يجوز، فما بالك بظلم المسلم؟!
أما والله إن الظلم لؤم وما زال المسيء هو الظلوم إلى الديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم ستعلم يا ظلوم إذا التقينا غدا عند الإله من الملوم وإن صور الظلم التي يقع فيها الناس كثيرة جدا، فأعظمها وأكبرها وأشدها عذابا ونكالا الشرك بالله، قال تعالى على لسان لقمان: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم). ومن الظلم الذنوب والمعاصي عموما، فإنها ظلم العبد لنفسه، قال تعالى: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه). ومن أنواع الظلم ظلم العباد بعضهم لبعض، وأشد الظلم عندما يقع من الأقارب، كما قال الشاعر وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند فمن ذلكم ظلم الرجل لزوجته والتعدي عليها بالضرب والإهانة والتجريح وعيبها وعيب أهلها وعدم القيام بما يجب لها من حقوق شرعية، سواء في النفقة أو التعامل الحسن والكلمة الطيبة وتقدير ضعفها وعاطفتها وحاجتها، والله جل وعلا ورسوله يأمران الزوج بالإحسان لزوجته وعدم ظلمها في أدلة كثيرة ليس هذا مجال ذكرها. ومن أنواع الظلم المضاربات التي تبنى على الاستغلال والغش والخديعة واصيطاد الآخرين وأكل أموالهم بالباطل حتى خرج وللأسف فئة ليست باليسيرة صفر اليدين لا تعرف من ظلمها وترفع أيديها تحسبا لملك عدل لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. إن الظلم ذنب جسيم وعاقبته أليمة، وقد توعد الله أهله بالعذاب والنكال الشديد، فقال تعالى: (وأعتدنا للظالمين عذابا أليما) وقال: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء) وإنه – والله – لوعيد تنخلع له القلوب الحية، وتقشعر له الجلود المؤمنة، وكفى به زاجرا عن الظلم أو الإعانة عليه.
ويقول سبحانه (ألا لعنة الله على الظالمين) ولكل ظالم حظ من هذه اللعنة بقدر مظلمته فليستقل أو ليستكثر، ويقول مهددا بسوء العاقبة وشؤم المنقلب: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون). ولشناعة الظلم، وكثرة أضراره، وعظم الأذية به: جعل الله تعالى عقوبته معجلة في الدنيا قبل الآخرة، ولذلك حذر النبي من دعوة المظلوم فقال: ((واتق دعوة المظلوم: فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) رواه البخاري ومسلم. لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم ترجع عقباه إلى الندم تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم ويقول النبي: صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر الله كثيرا، والمظلوم، والإمام المقسط)) ، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا، ففجوره على نفسه)) . فإذا كان هذا شأن دعوة ا لفاجر فما بالك بدعوة التقي الصالح؟! أتهزأ بالدعاء وما تدري بما صنع الدعاء سهام الليل لا تخطي ولكن لها أمد وللأمد القضاء فاحذر – عزيزي القاري – أن تكون غرضا لدعوات المظلومين ومحلا لسهامهم الصائبة. واحذر من المظلوم سهما صائبا وأعلم بأن دعاءه لا يحجب، اللهم اجعلنا من المظلومين ولا تجعلنا من الظالمين.