قوة الفكرة في المحتوى الأدبي ..
بقلم | شوق السماعيل
عزيزي القارئ هل سبق لك وأن قرأت محتوى فكاهياً لكنك قلبت الصفحة ضجراً دون أن تنبس ببنت شفّه ؟
هل سبق لك وأن سقطت عينك سهواً على محتوىً هزليّ ، ولكنك أخذته بجدية بالغة ؟
هل سبق لك وأن قرأت موضوعاً عابراً ، ولكنك أخذته بعين الإعتبار ؟
هل تعلم بأن في ذلك دلالةً على أمرين :
الأول : كان كاتب المحتوى بارعاً لحد أنه ربط فكرته بمحتواه واستجذب إنتباهك رغماً عنك .
الثاني : كان كاتب المحتوى مُخفقاً لحد أنه فشل بجعلك تتفاعل مع محتواه ، لعدم وجود فكرة تُضفي له بالإثارة !
يعتمد العمل الأدبي على عدة عناصر تُمكن الكاتب من إيصال رسالته بشكل مفهوم وواضح ، وبناءً عليها يكون نقد العمل الأدبي وإصدار الأحكام وتقييمه تقييماً أدبياً بحتاً ، ومن هذه العناصر ؛ وأبرزها ؛ هو خلق فكرة أساسية للمحتوى ، حيثُ تمكن الكاتب من تحديد المقوّمات ورسم الموضوعات رسماً صحيحاً ، بالإضافة إلى بناء هيكل مُترابط لإيضاح كل نقطة تُسهلّ من عملية القراءة ، وكما قيل ؛ “فإن الفكرة هي عصب النصّ” ، وما نراه بكثرة في زمنٍ شُهدت به ثورة كتابة المحتوى ، هو إهمال الكثير من الكتّاب لهذا الركن القويم الذي من دونه لا ينهض قول ولا يرتقي فكر ولا يبلغ أي محتوى أدبي عنان سماوات الأدب ، في الواقع ؛ مهما بلغت دقّة الكلمات ، ومهما بلغ نسجها نسجاً شاعرياً ، أو حتى إدراك جميع الأخطاء الإملائية واللغوية والشروع في تصحيحها والعمل على إجادة أسطرها ، فإنها لن تُغنِ مطلقاً عن نصب فكرة رئيسية وعدة أفكار فرعية ، فإن إختيار الفكرة المناسبة تجعل من المحتوى الأدبي ذو صورةٍ فنيةٍ وثقافية ، اما فُقدانها فهو يعني أن يتأثر المحتوى ويبقى ناقصاً رغماً عن محاولات إكماله ، ولكن معظم الكتاب في هذا الزمان لا يربط الفكرة في محتواه ربطاً وثيقاً ، ومنهم من لا يكترث إلا في فصاحة المفردات وتوظيفها ، وذلك يطمس المعنى الكليّ ، وهو المراد إيصاله من كتابة المحتوى العربي.
بل أحياناً يكون هُناك فكرة أو أكثر ، وتُشتت بتلقائية ، وهو ما يجعل الفكرة مُتاصلة في وحدانية الأسلوب خلال العمل الأدبي الواحد ، ونرى في نماذج عديدة بأن الكاتب قد يفشل في صياغة المحتوى الأدبي صياغةً أدبية ، وتُشهد الركاكة ما بين أحرفه ، ولكن ما يشفع له بالتفوق هو قوة فكرته وكونها غير متغيرة ولا تُلقي بطبقةٍ ضبابية على المحتوى الأدبي ، ذلك يعنني عدم تفكك النص كلياً .
حيُث أنه مهما كان ذا أسلوبٍ إبداعي لا يُعلى عليه ، ولكنه لا يحصل على تقييمٍ ذو جودة وكفاءة عالية بسبب ضُعف فكرته الأدبية !
بل إن قوة الفكرة أو حتى هشاشتها ، تعود إلى صحة إنتقاءها وكونها بليغةً أم عامية ، دارجة أم نادرة الذكر ، وفي ذلك نُكثّف النظر إلى الشريحة المستهدفة من القرّاء ، وسعياً لجعلها تترك وقعاً قوياً في نفس القارئ ، وتتنحى السرد الروتيني ، والتركيز على العاطفة والخيال ؛ حيثُ ينبعث من ذلك ما لا يجعل من المحتوى الأدبي جامداً آسناً ، كمعظم نماذج كتابة المحتوى التي نراها في العصر الحالي ، حيث يُجدر القول بأن القارئ قد يقرأ المحتوى وكأنه يتصفح شيئاً مملاً كفاية ، دون أن يُشارك إحساسه بما هو مكتوب ، وفي هذه تحدٍ عسير لا يقدر على تجاوزه سوى الكاتب المُحترف .
فنُكرر بإستمرار ونشيد على أهمية الفكرة الأساسية لما بها بإيجاز من ” رسالة ” رسالة بليغة ، من خلالها تُحدد القيمة الأدبية للكاتب ، والمعنى الفكري الذي ينبثق من المحتوى ، والقيِم المعنوية والفوائد الجمّة التي قد تموج وتعصف في ذهن القارئ .
ولأجل ذلك ، على عنصر ” الفكرة ” أن يُمنح الحفاوة المُطلقة من قِبل جميع كتّاب المحتوى والمؤلفين ، وأن يكون من أوائل خصائص كتابة المحتوى ، وأبرز مقوماتها الأدبية .