النظريات التربوية في ظل رؤية (2030)
فاطمة عوضه سالم الشهري. باحثة دكتوراه مناهج وطرق التدريس الاجتماعيات
في عالم تزدحم فيه الأفكار ووجهات النظر والمقاربات والنظريات والأشكال والألوان فيما يخص العملية التربوية والتعليمية، وعالم تتلاطم فيه أمواج التيارات والحركات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، يصعب على المرء انتقاء ما هو مجدي وف ّعال نظرياً وتطبيقاً، لكن هنالك أعمالاً ونظريات قد تبقى خالدة وصامدة في وجه تلك التيارات والتغيرات المضطردة في هذا العالم المزدحم. غير أن الجميل في الأمر أنه في خضم تلك التيارات ومن رحم تلك الأمواج العاتية ولدت ونشأت أفكار ونظريات غيرت معالم ومفاهيم ميدان التربية والتعليم برمته قديماً وحديثاً.
فقامت النظريات التربوية الحديثة بالتركيز وبشكل غير ذي قبل على إعداد الفرد وتأهيله من ناحية البنية العقلية والفكرية ومن الناحية الجسدية أيضاً كي يكون فرداً نافعاً، فبدأ هذا النهج يط ّبق على أرض الواقع بطريقة تتيح له فرص “الاستمتاع بالحياة” واستغلال البيئة المحيطة به والاهتمام بالتربية الجمالية والبدنية والسلوك.
وكان دور النظريات التربوية الحديثة في المؤسسات التربوية التعليمية هو تطوير برامجها ومقرراتها الدراسية كي تتماشى مع النظريات العصرية الحديثة، ولذلك نلاحظ بأنه ومنذ مطلع هذا القرن والمفكرون والسياسيون والإداريون في العالم العربي والإسلامي يحاولون إيجاد حلولا وسطية تجمع بين الحداثة من جهة، وبين تقليد الموروث القديم الضارب في عمق التاريخ من جهة أخرى.
فقد أولت المملكة العربية السعودية أهمية كبيرة لتطوير وتعزيز التعليم؛ من أجل بناء جيل واعد يمتلك ثقافات متنوعة ومرتكزة على تعليم راسخ. من خلال رؤية 2030 وهي انطلاقة جديدة إلى التميز والرقي في تطوير التعليم عبر شتى مراحله ومختلف مناهجه وطرقه.
وقد عملت الرؤية وتحت ظل الفلسفة التربوية الحديثة على تطوير وبناء المناهج وفق فلسفة تربوية هادفة رائدة تتناغم مع ديننا الإسلامي الحنيف، وتُواكب مقتضيات العصر. من اعداد المعلم وتطويره المهني بما يتناسب مع متطلبات معلم القرن الواحد والعشرين.
وقد اتسمت رؤية 2030 في تطوير التعليم بالعديد من السمات، منها الشمولية: فالتعليم متاح لجميع أفراد المجتمع، من ذكور وإناث، ويضم مختلف المراحل العمرية من الحضانة إلى الدراسات العليا. تعطي رؤية 2030 أهمية خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير الدعم المناسب لهم، وتيسير مختلف السبل لتقديم العلم لهم.
أما المعلم، فقد أُعطي عنايةٌ خاصة بتطويره عبر توفير دورات مميزة، واطلاعه على كل جديد في المناهج وطرق التدريس واثرائه المعرفي بالعديد من الأنشطة وورش العمل التربوية، ومنحه فرص الابتعاث الخارجي أما الطالب فهو محور العملية التعليمية وذلك بزيادة الأنشطة التربوية له داخل البيئة المدرسية، أما تدريسيا فحثت على استعمال طرق تدريس حديثة، وكذلك التركيز في التدريس على استعمال أجهزة الحواسيب المختلفة. كما تعزز رؤية 2030 منظومة التعليم عبر الاعتماد على المصادر الآمنة والموثوقة، والبرامج والمشروعات المعززة للفرص الاستثمارية والمولدة للفرص الوظيفية.