عاطفة عاصفة
بقلم د / علياء المروعي
تأججت بحور العواطف كالنار و اشتدت و أحرقت بلهيب عطفها كل حاسد و حاقد ، وثارت عواصف المشاعر لتقتلع ظلم الليالي …
هاهنا أشرقت شمس النهار بعد طول غياب لتتسلل أشعتها مكونة غطاء يزمّل أحاسيس مرتجفة من جرح نازف على الطرقات يصارع الموت في عز الشتاء.
تتوه المشاعر الصادقة عندما توضع في غير محلها ، فعندما يصبح الشخص معطاء لأشخاص لا يستحقون العطاء تظلم سماؤه و يعجز النخل في الواحات فيكسر عدة مرات و خاصة عندما لا يعي أن الرسائل قد وصلت و اكتفى غيره من عطاءه ، فيستمر ويصارع موت المشاعر مع الذين يستنزفون الطاقات ، و يسلبون القوى كما تسلب المدن من أهلها و تهدم البيوت على أصحابها و تحشرج الحناجر من شدة الطعنات ، و فجأه تستوقفه همسات رقيقة توقظه من كابوسه و تعيد له المشاعر المسلوبة و تشبع الأحاسيس الجائعة ، فتطيب الروح و تتزن بإتزان أنفاسها في حشاشة القلب فيعود للحياة رمقها و تتلطف النسمات بعبير الرياحين.
عندما تجف الدموع و تذوب بقايا الروح في حلها و ترحالها مع الصدق و المروءة والكرم ، تتجمل العواطف العاصفة للوعي و تجمع بين لقاء الأعين كأحلام المساء ، و تنشر شذى المسك الذكي بين ردهات الحياة لتخترق الأنفس و تبهج الأفئدة بقدوم محب أو رائحة قهوة و قطعة كعك أو كلمة حلوة فيها أصدق و أنبل معاني الشكر فقد قال الشاعر معز عمر بخيت :
مطر الحنين الآن يملأ بيتنا بخطى اللقاء الأكرمِ
لا زال في عينيك حلمي و النوى
في قارب الإحساس يرحل في سكونك يرتمي
فأتيت نحوك من مدارات تحدّت شارة الأحداث
تطلع من عيون التيه ترقب مقدمي وحملت نحوك صحوة الأجراس
ترسل في شعاب الضوء
أنغام الخروج من الجنون النائم
و يظل فرح الشوق يرقص
في ظلال العشق يلبس خاتمي .
حتى يصف الشاعر الأمل و نفاذ الألم في أبيات أخرى …..
يخرج من ثنايا الحزن بحراً
ضم في موج الحنين تألُّمي
و الخوف يهرب من خيوط الأمس يسكن أنجمي .
فهذه الدنيا تحتاج من الإنسان وعيا كافيا بعواطفه ليواجه قسوتها و كل من يحاول أن يقلل من شأن مشاعره و عواطفه أو يسلبه أمان روحه و ضياء قلبه .