المرآة
عندما يستيقظ أحدنا في الصباح الباكر، على صوتٍ عذب، وربما على شقشقة العصافير ، وفي واقعنا على صوت المنبه، ليبدأ يوماً جديداً أعاد الله فيه روحه إلى جسده، يبدأ أحدنا يومه غالباً بالنظر للمرآة . تلك المرآة التي تعكس صورته طبقًا للصورة الخارجية فقط والمطابقة للصورة التي يمكن للآخرين مشاهدته بها، ولكن الشخص الذي ينظر للمرآة، يكون المخلوق الوحيد القادر على رؤية صورته الحقيقية شكلاً ومضموناً ، وكأنه يرى روحه مع صورته دون أي ستار،دون أي تشويه أو شطب أو تعديل، دون كذب أو نفاق، دون تبرير أو تفسير ، واقفاً أمام ذاته.مدركاً خفايا تلك الصورة، وهنا وفي تلك اللحظة يبدأ (تقدير الذات).
تقدير الذات الذي قصدته هنا هو تحديد مكانتها ايجاباً بفخر ، أو سلباً بخجل،وذلك بناءً على معطياتٍ كثيرة، منها ماجنته يداه، ومنها مالا ذنب له فيه ولا يقواه،وكل ذلك بتقدير الله.
وهنا أقول إذا وقفت أمام المرآة فاحرص أن تكون فخوراً، وقمة الفخر تقوى الله،ومن ثمَّ صدق وعمل جاد، وأفعل أي شيء يرضيك عن نفسك ولو رآه الآخرون خطأ، أجعل لنفسك مبادئً خاصة بك ،اجعل لك معايير غير قابلةٍ للجدل ،وعلى قدر أصلك وفعلك وتعاملك تكون مطمعاً لتُعرف .
أما من كانت حياته عصيان، وكان يطأطئ برأسه للبشر أو الشيطان ، ولا يعرف للعزة مكان، وادمن كونه مهان ،فلن يصلح ولو طال الزمان ، وسيشعر بالنقص كل صباح أمام قطعة زجاج والتي تسمى (المرآة).