المملكة وأوزبكستان.. تنسيق مستمر وتطلعات لتعاون مثمر



ترجع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية أوزبكستان إلى عام 1991م، حيث كانت المملكة من أوائل الدول التي بادرت إلى الاعتراف باستقلال أوزبكستان، بعد إعلان استقلالها عن الاتحاد السوفيتي، حيث تم في 30 ديسمبر عام 1991م التوقيع على مذكرة التفاهم بين البلدين، وشهد 20 فبراير 1992م توقيع اتفاقية تبادل البعثات الدبلوماسية.

وفي العام الثاني لاستقلال أوزبكستان وتحديداً في أبريل 1992م، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- فخامة رئيس أوزبكستان السيد/ إسلام كريموف، في الزيارة الرسمية الأولى للمملكة العربية السعودية، التي أرست أساساً للعلاقات الثنائية.

وبعد ذلك جرى تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين بما فيها الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية – رحمه الله – لأوزبكستان، في فبراير 1992م، التي ساعدت على تعزيز التعاون بين البلدين، وجرى خلال الزيارات الرسمية التوقيع على عدد من الوثائق الثنائية.
كما افتتحت في شهر مايو 1995م سفارة أوزبكستان في المملكة العربية السعودية وفي المقابل افتتحت سفارة المملكة العربية السعودية في أوزبكستان في شهر مارس عام 1997م.
وتعد جمهورية أوزباكستان عضواً مع المملكة في مجموعة كبيرة من المنظمات الإقليمية والدولية، وهناك تنسيق مستمر بين البلدين الشقيقين في المحافل والمنظمات الدولية مثل البنك الدولي, وصندوق النقد الدولي إلى جانب مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، وقد شاركت المملكة بوفد رفيع المستوى في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية المنعقدة أعمالها في عاصمة جمهورية أوزبكستان طشقند العام الماضي.

ووقعت المملكة وجمهورية أوزبكستان عدة اتفاقيات من أبرزها اتفاقية إطار التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتكنولوجية والثقافية والشباب والرياضة.

وفي نوفمبر عام 2008م وقعت المملكة وجمهورية أوزبكستان في الرياض اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، إضافة إلى توقيع اتفاقية النقل الجوي.

وشهدت العلاقات السعودية الأوزبكية تطوراً ملحوظاً بعد تولي الرئيس شوكت ميرضيائيف، مقاليد الحكم في 2016، حيث زار المملكة مشاركاً في القمة العربية الإسلامية الأمريكية بشهر مايو 2017، وتعد تلك الزيارة إلى المملكة الزيارة الأولى لرئيس أوزبكي منذ زيارة الرئيس السابق إسلام كريموف، في أبريل 1992، ولقائه حينها بخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله -.

وبناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – عقدت في يناير عام 2021 ، فعاليات منتدى الاستثمار السعودي الأوزبكي في مدينة بخارى، وجرى فيها التوقيع على عدد من الاتفاقيات أبرزها اتفاقية تعاون لتأسيس مجلس الأعمال السعودي الأوزبكي، لمواصلة وتعزيز العمل المشترك وتمكين القطاع الخاص من الوصول إلى الفرص الاستثمارية في كلا البلدين، واتفاقية ثنائية بين طيران ناس السعودي والخطوط الأوزبكية بهدف تشغيل رحلات مباشرة بين السعودية وأوزبكستان، ومذكرة تفاهم بين مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ومركز الحضارة الإسلامية في أوزبكستان بهدف تعزيز وتطوير التعاون في مجال التعليم والبحوث والدراسات العلمية وعمليات الطباعة والثقافة والمخطوطات.

كما رعى معالي وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح وضع حجر الأساس لمحطة سيرداريا ذات الدورة الغازية المركبة لتوليد الكهرباء، بطاقة إنتاجية تبلغ 1500 ميجاوات، وإطلاق مشروعات شركة أكواباور السعودية في مجال توليد الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة بخارى، بطاقة إنتاجية تبلغ 1000 ميجاوات، وتوقيع اتفاقيات شراء الكهرباء لها في جمهورية أوزبكستان.

وتعد شركة أكوا باور الشركة السعودية الوحيدة المستثمرة في أوزبكستان، وبلغت قيمة استثماراتها (2.6) مليار دولار، حيث نفذت أو تشارك في تنفيذ 4 مشروعات لتوليد الطاقة بشقيها المتجددة والتقليدية، وتمثل طاقة التوليد من هذه المشروعات 20% من إجمالي الطاقة الإنتاجية في البلاد.

ولدى شركة (أكوا باور) مجالات تعاون مستقبلية مع الجانب الأوزبكي بما يقارب ملياري دولار، كما تعمل على إنشاء معهد أبحاث للطاقة المتجددة والهيدروجينية، بالتعاون مع شركة (إير برودكتس)، وحظيت مذكرة التفاهم الخاصة بإنشاء المعهد باهتمام الرئيس الأوزبكي، الذي أصدر قراراً جمهورياً بتأييدها.

ووقعت “أكوا باور” في مايو 2021م اتفاقية مع وزارتي الاستثمار والتجارة الخارجية، والطاقة بجمهورية أوزبكستان.
وتتولى بموجبها شركة “أكوا باور” تنفيذ وتطوير وبناء وتشغيل مشروع طاقة رياح بطاقة إنتاجية تصل إلى 1,500 ميجاوات بمنطقة كاراكالباكستان الأوزبكية، لتصبح المحطة -عند تشغيلها- الأكبر من نوعها في منطقة آسيا الوسطى، وإحدى أكبر محطات طاقة الرياح على مستوى العالم، إضافة إلى توقيعها في ديسمبر 2021م، الاتفاقية الخاصة بمشروع رياح نوكوس بقدرة 100 ميجاوات في جمهورية أوزبكستان.

وتتطلع المملكة إلى تعزيز التعاون المستقبلي مع أوزبكستان في مجال توليد الطاقة، ودعمها بمشروعات أحدث وأكثر كفاءة، وتوجد فرص كبيرة للتعاون في تنفيذ مشروعات بقطاع الكهرباء، بما في ذلك مشروعات التوليد (التقليدي، والطاقة المتجددة)، والنقل والتوزيع، والأتمتة وتعزيز الموثوقية، وتحسين تجربة العميل، والربط الكهربائي مع الدول الأخرى، إضافة إلى تبادل الخبرات، والتدريب وبناء القدرات.

وتعمل اللجنة السعودية الأوزبكية المشتركة على تحقيق تطلعات قيادتي وشعبي البلدين في تنمية وتطوير العلاقات الثنائية، والدفع بها نحو آفاق أرحب، واستكشاف فرص الاستثمار الثنائي وفقاً لرؤية المملكة 2030، وخصوصاً في مجالات الابتكار والتكنولوجيا والقطاعات الحيوية، حيث عقدت في مارس 2022م الدورة الخامسة للجنة في مدينة طشقند.
وأقيم خلال العامين الماضيين (6) منتديات لأصحاب الأعمال السـعوديين والأوزبـكيين، كما عُقد منتديان افتراضيان في شهر رمضان عام 2020م.

وتتوافر في أوزبكستان العديد من الفرص الاستثمارية بقطاعات التجارة، والاستثمار، والصناعة، والزراعة، والسياحة، وغيرها، ويتطلع الجانب الأوزبكي إلى تشجيع رجال الأعمال السعوديين للاستفادة من المنطقة الاقتصادية الحرة في أوزبكستان، ومن موقعها المتميز بالقرب من الأسواق الكبرى، مثل: السوق الروسي، والصيني، إضافة إلى السوق الأوزبكي الأكبر في منطقة آسيا الوسطى.

وبلغت قيمة التبادل التجاري بين المملكة وأوزبكستان 16.6 مليون دولار في العام 2021، منها صادرات سعودية بقيمة 1.6 مليون دولار، مقابل واردات بقيمة 15 مليون دولار، وبذلك يميل الميزان التجاري لصالح أوزبكستان بـ 13 مليون دولار.

وكانت أهم السلع الوطنية المصدرة إليها الأسمدة، والألومنيوم ومصنوعاته، والفواكه، والمواد الدابغة؛ ألوان ودهانات، وآلات وأدوات آلية وأجزاؤها، فيما كانت أهم السلع المستوردة منها الفواكه، وزنك (توتياء) ومصنوعاته، والسجاد، وسلع ذات إحكام خاصة، والألبسة الجاهزة.

وبلغ حجم صادرات المملكة غير النفطية إلى أوزباكستان في 2021م نحو 6 ملايين ريال، فيما بلغت الواردات غير النفطية 55 مليون ريال.

وتعد البتروكيماويات من أهم صادرات المملكة إلى أوزباكستان، فيما تعد المنتجات الغذائية أعلى الواردات وصولاً للأسواق السعودية.

وقدّم الجانب الأوزبكي إلى الجانب السعودي، مقترحاته لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين خلال العام 2022، وركزت المقترحات على الجانب الاقتصادي، وزيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليون دولار في العام الحالي، وصولاً إلى 400 مليون دولار في العام 2024.

وتستضيف المدينة الصناعية بالرياض مصنعاً واحداً باستثمار سعودي أوزبكي مشترك في مجال صناعة الأجهزة الكهربائية وإنتاج مجاري الهواء الخاصة بالتكييف.

وقام الصندوق السعودي للتنمية بدعم حكومة أوزبكستان بعدة قروض تنموية حيث قدم الصندوق ١١ قرضاً تنموياً للمساهمة في تمويل تنفيذ ١١ مشروعاً في قطاعات الصحة والتعليم والطرق والري ومياه الشرب والإسكان، بمبلغ إجمالي قدره 85.1076 مليون ريال، وقد اكتمل تنفيذ 5 مشروعات منها، وجاري تنفيذ 4 مشروعات حالياً، كما يجري الإعداد لتنفيذ مشروعين آخرين.

وفي المجال الإغاثي والإنساني؛ قدمت المملكة إلى أوزبكستان -بحسب منصة المساعدات السعودية- مساعدات بقيمة 333 مليون و547 ألف دولار، منذ العام 2008 حتى العام الماضي، لـ 18 مشروعاً في قطاعات البنية التحتية، والمياه والإصحاح البيئي، والزراعة والغابات والأسماك، والنقل والتخزين، والتعليم والصحة، وكان الدعم الأكبر في العام 2018 بمبلغ 93 مليون و306 آلاف دولار.

وبناء على بيانات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، يعمل 442 أوزبكياً في المملكة حالياً، وتواصل الوزارة، التباحث مع الجانب الأوزبكي، لتوقيع اتفاقيات ثنائية في مجال توظيف العمالة المنزلية والعمالة من الفئة العامة، ويتسق ذلك مع رغبة الحكومة الأوزبكية في إيجاد فرص عمل للشباب من مواطنيها في المملكة.

وتتيح وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية للطلاب الأوزبكيين فرص الالتحاق بالتعليم الجامعي، ويدرس 91 طالباً أوزبكياً حالياً في العديد من التخصصات الأكاديمية بالجامعات السعودية.

وفي مجال النقل والدعم اللوجيستي تعمل وزارة النقل والخدمات اللوجستية، بالتنسيق مع وزارة الاستثمار، على توقيع مذكرة تفاهم بين المملكة وأوزبكستان، تتضمن تعزيز التعاون بين البلدين في مجال نقل الركاب والبضائع والأمتعة والبريد وتشغيل الرحلات الجوية بين البلدين.

وتقع جمهورية أوزبكستان في منتصف قارة آسيا على مساحة جغرافية تبلغ 447,400 كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها 33 مليون نسمة، يشكل المسلمون منهم 88 %.