متطلبات معلمي الدراسات الاجتماعية وفق رؤية 2030



إعداد الباحثة: فاطمة الشهري :

أدت التحولات والتغيرات التي طرأت مؤخراً على أدوار المعلم في القرن الحادي والعشرون إلى إعادة النظر في سبب اختياره، فلم يعد مجرد ناقل للمعرفة، بل برزت أدوار جديدة له، من أهمها كونه أصبح وسيطاً بين الطلاب ومصادر المعرفة، يهيئ لهم البيئة التعليمية الملائمة، ويثير لديهم التفكير العميق، لذا أصبح تطوير مؤسسات إعداد المعلم مطلباً مهماً وملحاً لتحقيق التنمية البشرية الشاملة.

وفي ظل توجهات وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية، والمتمثلة في برنامج التحول الوطني المواكب للرؤية السعودية ٢٠٣٠، فقد هدفت وزارة التعليم على تطوير التعليم وتحديثه بشكل مستمر ويعد تدريب المعلم وتطوير أدائه مـن أهـم الأهداف التي تسعى الوزارة إلى تحقيقها في رؤيتها المستقبلية؛ وحتى لا يبقى المعلم محدود الأفق في عصر تتزايد فيه العلوم والمعارف بشكل سريع، وليكون المعلم على درجة عالية من القدرة والكفاءة ومساهماً فعالاً في دفع عجلة التنمية الوطنية؛

حيث أنه يتوقف نجاح عملية التنمية الشاملة في أي دولة من دول العالم على مدى كفاءة مواردها البشرية. (العمري، الشمري،٢٠١٩).

ويتم تحديد المهارات اللازمة لمعلمي الدراسات الاجتماعية مـع كـل تـطـور يحدث في نماذج أو طرق واستراتيجيات التدريس، أو التطورات الحاصلة في المناهج والمقررات الدراسية كما هو الحال في تطوير مقررات الدراسات الاجتماعية والوطنية في المملكة العربية السعودية، والذي تم إدخال تغيرات جوهرية عليها، تحولت بموجبها مـن مـواد منفصلة إلى مقررات موحدة متكاملة وفق المنهج التكاملي في بناء مناهج المقررات الدراسية باستثناء المرحلة الثانوية. (الصاعدي، ٢٠١٥).

ويعد معلمي الدراسات الاجتماعية والوطنية هم العنصر الأساسي في نجاح العملية التعليمية والتعلمية، ولكي تستثمر المدرسة قدرات الطلاب والطالبات يجب أن يقدم لهم الخبرات اللازمة، التي تجعلهم أكثر قدرة على اكتساب هذه الخبرات. وهنا يجب اختيار المعلم أو المعلمة الكفء، وإعدادهم إعداداً متكاملاً من النواحي الثقافية والتربوية والأكاديمية قبل الانخراط في سلك التعليم وأثناءه. ويمكن أن يساعد المعلم المعد إعداداً صحيحاً على جعل قدرات الطلبة أكثر تفتحاً وقابلية. (الحراحشة،۲۰۱۸، ص۲).

وقد عرف (العويد،۲۰۱۷) رؤية ٢٠٣٠ بأنها” رؤية تبنتها المملكة تحت مسمى (رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠) لتكون منهجاً وخارطة طريق للعمل الاقتصادي والتنموي في المملكة.

– كما تُعرف بأنها صورة المستقبل الذي سيقود المملكة العربية السعودية بخطط وأهداف واضحة وفق مرتكزات ثلاث والتي تضم العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية، وأهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي، وتسعى جميع المرتكزات إلى تحقيـق هـدف مشترك وهـو التطور والازدهار في جميع مجالات الدولة. (العمري والشمري،٢٠١٩).

– وفي ضوء ما سبق يمكن تحديد متطلبات معلمي الدراسات الاجتماعية وفق رؤية في 2030 في الآتي: (القحطاني، 2021م).
جاءت الرؤية بخطة تطوير تركز على حزمة متكاملة من البرامج لتطوير البيئة التعليمية ومواكبة خطط التنمية، ويأتي في صدارتها تحديث شامل للمناهج وأداء المعلمين والمعلمات وتحسين البيئة المدرسية للتحفيز على التطوير والإبداع. والتركيز على تطوير طرق التدريس وتوفير كل الإمكانات للمعلمين .

كما أن حكومة المملكة العربية السعودية سعت لإحداث تحول وطني مدروس في اقتصادها وبرامج عملها، والذي يعتمد على فكر معرفي يؤمن بالإنسان وقدراته ومهاراته ومستوى تعليمه.

فقد نالت حركات تطوير التعليم اهتمام معظم دول العالم، إذ اعتبرته الحل الأساسي لأغلب المشكلات الناتجة عن التغيرات المحتملة لعولمة الحياة، ومن وسائل ذلك إعداد وتدريب وتأهيل معلم متمكن يستطيع مواجهة تطورات عصره المتجددة، وتوجيه قدرات وطاقات طلابه إلى تعرف مشكلات العصر الجديد والتعامل معها، فجودة المنظومة التعليمية مرهونة بالدرجة الأولى بجودة المعلم. وإذا كان المعلم الكفء يعد ضرورة لمواجهة تحديات المستقبل وإصلاح التعليم عامة، فإنه يعد أمراً لازما لمعلمي مقررات الدراسات الاجتماعية وتدريسها خاصة، لأن الدراسات الاجتماعية أكثر العلوم مسايرة لتطورات العصر وتغيراته، وتغيرات البيئة المحيطة بالإنسان وغير الإنسان.

أن عمليات التعلم والتعليم تجاوزت الكتاب المدرسي والوسائل التقليدية إلى وسائل عصر العولمة والسرعة والتقنية، فمهارات معلم القرن الماضي لا تتناسب مع معطيات دور معلم القرن الحادي والعشرين الذي تجاوز دوره عن نقل المعلومات والمعرفة إلى إعداد متعلم قادر على النجاح وتجاوز جميع الصعوبات التي تواجهه.

لذا تتضح متطلبات معلمي الدراسات الاجتماعية في التعليم وفق رؤية (2030)، بطرح مداخل تدريسية حديثة تشكل المنطلقات والمسلمات التي تحقق هذا التعلم الناجح، بحيث يشمل هذا التطوير التفاعل بين مكونات تدريس الدراسات الاجتماعية وفق ثلاثة محاور على النحو الآتي:

– تخطيط التدريس: ويشمل عدة إجراءات من أهمها: تحديد نواتج التعلم المتوقعة، واختيار طرق تدريسية فعالة، وتقنيات تعليمية تساعد في التعليم، وأساليب تقويمية، مع ما يناسب تحقيق أهداف التعلم الناجح وفق رؤية (2030).

– تنفيذ التدريس: ويشمل عدة إجراءات من أهمها: تطبيق طرق تدريسية محققة للتعلم الناجح وفق رؤية (2030)، مع التدرج في التدريس بما يلائم مراحل التدريس البنائي.

– تقويم التدريس: ويشمل عدة إجراءات من أهمها: استخدام أساليب تقويمية متنوعة، لقياس وتقويم مهارات القرن الحادي والعشرين، كملفات الإنجاز | (Portfolio)، والملاحظة، وتقويم الأقران، والتقويم الذاتي، مع التأكيد على مشاركة الطلاب في عملية التقويم وإجراءاتها، وتقديم التغذية الراجعة المستمرة لجميع أعمال ومشاركات الطلاب.

ولتحقيق هذه المتطلبات ينبغي التركيز على تطوير طرق تدريسية تعين معلمي الدراسات الاجتماعية على تحقيق مهارات إطار التعلم الناجح وفق رؤية (2030).

ومن أهمها ما يأتي:
– استراتيجيات تعليم وتعلم مهارات التعلم والابتكار، ومنها: حل المشكلات، العصف الذهني، خرائط التفكير، القبعات الست، الخرائط الذهنية، برنامج الكورت لتعليم التفكير، التعلم القائم على الدماغ، التعلم التعاوني، التعلم القائم على المشروع، التعلم التنافسي، المناقشة.

– استراتيجيات تعليم وتعلم مهارات الحياة والتكيف، ومنها: التعلم القائم على المشروع، التعلم التعاوني، التعلم التشاركي، الخرائط المعرفية، الاستقصاء، الاستكشاف، لعب الأدوار.

– استراتيجيات تعليم وتعلم مهارات المعلومات والإعلام والتكنولوجيا، ومنها: الرحلات المعرفية عبر الويب، المحاكاة، الاستقصاء، الاستكشاف، الخرائط الإلكترونية، التعلم التعاوني الإلكتروني، المناقشة الإلكترونية، العصف الذهني الإلكتروني. كما ينبغي تنظيم برامج تدريبية متطورة لتدريب معلمي الدراسات الاجتماعية على مهارات التدريس وفق رؤية (2030) ، وعقد ورش تعليمية، ولقاءات وندوات علمية لتوعية معلمي الدراسات الاجتماعية بأهمية التدريس في ضوء مهارات إطار التعلم الناجح وفق رؤية (2030)، على أن يتضمن ذلك تطبيقات تدريسية لمهارات التعلم والابتكار، والحياة والتكيف، والمهارات الإعلامية، واستخدام التقنيات بفاعلية في التأكيد على تطوير البيئة المدرسية بما يحقق التعلم التدريس، مع التأكيد على تطوير البيئة المدرسة بما يحقق التعلم الناجح وفق رؤية (2030).

دور معلمي الدراسات الاجتماعية في تحقيق رؤية ٢٠٣٠:

هناك بعض الأدوار الحديثة التي من الممكن أن يقوم بها معلمي الدراسات الاجتماعية والتي من شانها المساهمة في تحقيق الرؤية السعودية ٢٠٣٠، والتي أشار إليها (الحيلة، ٢٠١٢)، والمتمثلة فيما يلي:
١- تنمية قدرات الإبداع لدى الطلبة.
٢- إكساب الطلبة المعارف والحقائق والمفاهيم العلمية.
٣- ترغيب الطلبة على العلم والتعلم. المعلم منظم للنشاطات التربوية اللاصفية. وتحقيق الضوابط الأخلاقية.
٤- تنمية الطلبة في جميع جوانبهم المختلفة.
٥- تهيئة الطلبة للمستقبل القادم.

وترى الباحثة باطلاعها لبعض الدراسات: أن هناك توجهه من قبل الباحثين والمهتمين في الدراسات الاجتماعية وأهمية تطوير المهارات والقدرات لدى معلميها، ومن أبرزها دراسة (عسيري،۲۰۱۷) والتي أشارت بضرورة الأخذ بالاتجاهات التربوية العالمية الحديثة لكليات التربية، وإجراء دراسات دورية شاملة لمراجعة واقع برامج إعداد معلم الدراسات الاجتماعية، واعتماد استراتيجية متكاملة لتطوير إعداد معلم الدراسات الاجتماعيـة تستهدف تعميـق المعرفـة لديه، وإكسابه القـدرة علـى إنتاجهـا، ودراسـة (الحصري، ٢٠١٥)، والتي أوصت بضرورة تدريب معلمي الدراسات الاجتماعية على المهارات التكنولوجية وإدخالهـا ضـمـن بـرامج الإعـداد والتدريب.

يتضح مما سبق ضرورة التعرف: على المهارات اللازمة لمعلمي الدراسات الاجتماعية في ضوء رؤية ۲۰۳۰ التعليمية، ومعرفة وفهم المعوقات التي تحد من تطوير هذه المهارات، للتوصل إلى المقترحات والسبل المناسبة التي تساعد في التغلب على هذه المعوقات لمواكبة تغيرات هذا العصر الحديث وتقدمه. وضرورة تدريب معلمي الدراسات الاجتماعية على المهارات التكنولوجية وإدخالها ضمن برامج الإعداد والتدريب.

المراجع:
– الحراحشة، بكر عبد الكريم. (۲۰۱۸). درجة ممارسة معلمي مواد الدراسات الاجتماعية للمرحلة الأساسية العليا في الأردن لمهارات التفكير العليا من وجهة نظرهم. رسالة ماجستير. جامعة آل البيت، كلية العلوم التربوية، الأردن.

– الحصري، كامل. (٢٠١٥). مدى معرفة معلمي الدراسات الاجتماعية المهارات التكنولوجية بمنطقة المدينة المنورة واتجاهاتهم نحوها، المجلة العربية للدراسات التربوية والاجتماعية، عن المركز العربي للدراسات والبحوث بالتعاون مع مهد الملك سلمان للدراسات والخدمات الاستشارية، جامعة المجمعة،6.

-الحيلة، محمد محمود. (۲۰۱۲). طرائق التدريس واستراتيجياته. (ط٤). العين: در الكتاب الجامعي.

رؤية المملكة ٢٠٣٠، 422/ vision2030.gov.sa/ http// download/file/fid

– القحطاني، شاهره سعيد محي(2021م)، فاعلية برنامج تدريبي مقترح في تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين لدى معلمات الدراسات الاجتماعية وفق الرؤية 2030 بمحافظة المزاحمية.

– الصاعدي، حميد صامل. (٢٠١٥). الاحتياجات التدريبية اللازمة لمعلمي ومعلمات الدراسات الاجتماعية والوطنية بالمرحلة المتوسطة في مدينة مكة المكرمة، رسالة ماجستير غير منشورة كلية التربية، جامعة أم القرى.

– عسيري، أحمد بن محمد بن أحمد آ خيرة. (۲۰۱۷). تطوير الكفايات المهنية لمعلم الدراسات الاجتماعية في ضوء التوجهات الحديثة، مجلة العلوم التربوية والنفسية، جامعة القصيم، مج۱۱، ٢٤ ٥٢٩-٦٢٤.
– العمري، أحمد بن على بن أحمد، الشمري، هزاع بن عامر (۲۰۱۹) الاحتياجات التدريبية لمعلمي المـواد الاجتماعية في ضوء الرؤية ٢٠٣٠، مجلة القراءة والمعرفة، جامعة عين شمس، كلية التربية، الجمعية المصرية للقراءة والمعرفة، ٢١٢٤، ص٨١-١٢٥.

-العويد، نورة ناصر. (۲۰۱۷). وظائف التعليم الجامعي السعودية والمساهمة في تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني لرؤية المملكة العربية السعودية.٢٠٣ وقائع مؤتمر دور الجامعات السعودية في تفعيل رؤية ۲۰۳۰ جامعة القصيم،٣٧٧-٤٣٢.