مظاهرات جديدة في روسيا عقب إقصاء معارضين من الانتخابات
شهدت موسكو مظاهرات جديدة هي الأخيرة في سلسلة احتجاجات مستمرة منذ شهر شهدت مشاركة عشرات آلاف المتظاهرين بعد إقصاء مرشحي المعارضة من الانتخابات المحلية.
وتعد المسيرات، التي تخرج كل سبت منذ الحكم بإقصاء مرشحي المعارضة في تموز/يوليو الفائت، الأكبر منذ التظاهرات الحاشدة في 2011 ضد عودة الرئيس فلاديمير بوتين إلى الكرملين بعد توليه منصب رئيس الوزراء لفترة واحدة بين رئاستين.
وتعاملت الشرطة الروسية بعنف مع التظاهرات، التي تحوّلت إلى غضب أوسع ضد تراجع مستوى المعيشة والوضع الاقتصادي المتأزم.
وأوقفت السلطات نحو ثلاثة آلاف شخص لمشاركتهم في الاحتجاجات فيما تم احتجاز أعضاء بارزين في المعارضة على رأسهم المعارض اليكسي نافالني الذي يقضي عقوبة بالسجن ثلاثين يوما تنتهي في نهاية آب/أغسطس، كما صدرت أحكام بالسجن لفترات قصيرة طاولت جميع حلفائه السياسيين تقريبا.
وفي تظاهرات سابقة استخدمت الشرطة الهراوات لضرب المتظاهرين كما اعتقل عناصرها الناس من الشوارع في شكل عشوائي.
ويعتزم منظمو تظاهرات السبت تنظيم تظاهرات الشخص الواحد، حيث يقف شخص واحد بمفرده حاملا لافتة احتجاجية، إذ إنّ ذلك عمليا لا يحتاج موافقة السلطات او ترخيص منها.
وخرجت تظاهرة مرخصة للحزب الشيوعي للمطالبة بانتخابات حرة في وقت مبكر السبت.
ووجهت النيابة اتهامات جنائية ضد نحو 12 شخصا بتهمة إثارة “اضطرابات جماعية” وهو ما يعرضهم لأحكام بالسجن تصل إلى ثماني سنوات.
وهم متهمون بعدة اتهامات من بينها إلقاء زجاجات مياه بلاستيكية على عناصر الشرطة.
وانطلقت الحركة الاحتجاجية بعد رفض ترشيحات ستين مستقلا للانتخابات المحلية المقررة في 8 أيلول/سبتمبر في موسكو بذرائع اعتبروها واهية، في وقت يبدو المرشحون المؤيدون للسلطة في موقع صعب في ظل الاستياء من الأوضاع الاجتماعية.
ورغم أن الإنتخابات المحلية تكتسب أهمية قليلة نسبيا في الأجندة السياسية في روسيا، إلا أنها تعد فرصة نادرة للأصوات المعارضة للمشاركة في الحياة السياسية إذ إنّ الأحزاب المعارضة للكرملين أبعدت عن البرلمان خلال عهد بوتين المستمر منذ نحو 20 عاما.
الكرملين يعلق لأول مرة وعلق الكرملين الثلاثاء لأول مرة على الاحتجاجات المستمرة منذ شهر، مقللا من أهميتها.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “لسنا موافقين مع هؤلاء الذين يصفون ما يحصل بأنه +أزمة سياسية+”، كما دافع عن رد فعل الشرطة “المبرر تماماً”.
وأثارت صور شابة كانت تتعرض لضرب مبرح على بطنها من جانب شرطي من دون سبب ظاهر خلال هذه التظاهرة، الغضب إلى حدّ إعلان وزارة الداخلية الاثنين فتح تحقيق في القضية.
وقالت استاذة العلوم السياسية الروسية إيكاترينا شولمان إن القضايا بحق المشاركين “تغضب الناس … إذ ينظر إليها على نطاق واسع على أنها غير عادلة وقاسية بشكل غير متناسب”.
وأفادت وكالة فرانس برس رغم أن هذه القضايا لديها “تأثير ترهيبي بمعنى أن الناس قد يخافون من الخروج إلى الشوارع، إلا أنها في الوقت نفسه تعزز مزاج الاحتجاج لأنها غير عادلة في شكل صارخ”.
وقالت المحللة المستقلة ماشا ليبمان إن الاحتجاجات أصبحت “عاطفية” أكثر منها سياسية، وأوضحت أنّ “حركة الاحتجاج ضعيفة سياسيا، وليس هناك هدف واضح”، مضيفة أنّ الكثيرين “غاضبون” من الإجراءات القمعية التي اتخذتها السلطات.
وإن كانت السلطات حرمت المعارضة من قادتها، إلا أن كثرا من البعيدين عن السياسة أعلنوا عزمهم على التظاهر، بينهم أحد رواد يوتيوب يوري دود الذي تتخطى أحيانا مقاطع الفيديو التي ينشرها عشرين مليون مشاهدة، وأحد أشهر مغني الراب في روسيا أوكسيمورون اللذين دعيا أنصارهما للمشاركة في التظاهرات المرخصة.
واتهمت موسكو حكومات ووسائل إعلام أجنبية بدعم التظاهرات، وسيعقد البرلمان الروسيّ جلسة خاصة الاسبوع المقبل لمناقشة “التدخل” المزعوم.
وضاعفت السلطات الروسية من ضغطها على المعارضة، إذ باشرت عمليات دهم كثيرة استهدفت معارضين أو مجرد متظاهرين، وفتحت تحقيقاً بحق منظمة المعارض أليكسي نافالني بتهمة “تبييض أموال” كما أصدرت محكمة قرارًا بتجميد أرصدتها المصرفية.