لنْ يكون هناك حرباً عالميَّة ثالثة !!
عبدالمحسن محمد الحارثي
قرن من الزمان وعشر سنين تفصلنا عن تاريخ الحرب العالمية الأولى التي بدأت في العام 1914م ، كان سببها صراعات وتحالفات متنوعة .
ويفصلنا خمسة وثمانون عاماً عن تاريخ الحرب العالمية الثانية التي كان سببها يختلف عن سبب الأولى ، وهو حادثة اغتيال ولي عهد النمسا آنذاك مع زوجته من قبل طالب صربي ، فقامت النمسا بإعلان الحرب على صربيا في العام 1939م ، وكان ما بين الحربين الأولى والثانية خمسة وعشرون عاماً فقط .
هذا الاختلاف في السببية بين الحربين ما بين صراعات وتحالفات متنوعة واِغتيال ؛ اِجتمعت اليوم في عصرنا الحاضر ، فاليوم الصراعات طاغية ، التحالفات حاضرة ، والاغتيالات واقعة .
قُوَّة الرَّدع في الأولى حرباً تقليدية ، وفي الثانية جمعت ما بين التقليدية والذريَّة التي صُنِعَتْ في عام 1945م واُستُخْدِمَت ضد مدينتي هيروشيما ونجازاكي في اليابان في نفس العام الذي صُنِعت فيه ، وفي عصرنا الحاضر اُستُخْدِمَ السلاح المادي التقليدي وكذلك السلاح المعنوي للترهيب ، ويبقى السلاح النووي للتهديد والتحذير كما فعل ” بوتين ” في رسائله للغرب وأميركا وحربه ضد أوكرانيا المستمرَّة حتى اليوم .
ما دعاني لكتابة هذهِ المقدِّمة المطوَّلة ؛ هو الوقوف على حقيقة هذا العالم الذي تحكمهُ جُملة من الأحداث السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، والدينية ، وما فيها من تزاوج بين السلطة والثروة ، وتشابك مصالح رجال المال والسياسيين في هرم القيادة العالمية .
التضخُّم العالمي واِرتفاع معدله وأثره على البشرية جمعاء ، وعلى وجه الخصوص من هُم على هرم القيادة في العالم ورفع سعر الفائدة أكثر من مرَّة ؛ لكبح جماح هذا التضخُّم .
هذه الهيمنة من قبل شرطي العالم التي تُمثِّل القُطب الواحد ؛ تُقابل حرباً شرسة ضد الدولار الاميركي من قبل روسيا والصين بهدف خلق الأقطاب المتعددة لقيادة العالم.
بعيداً عن الفلسفات الاقتصادية وقريباً من الفلسفات السياسة ؛ نرى أنَّ الأخيرة تعمل على تغيير خارطة العالم وتحويل غير الممكن إلى ممكن ، والبحث عن العلاج الناجع – في نظرهم- لمعالجة أهم مشكلة تهدد وجودهم ، والعمل على تبخير العالم ببخور الحروب واللعب على طريقة التناقضات وحفر خنادق الحرب لغيرهم ؛ لإقحام المستهدف في مستنقع الحروب القذرة .
العالم اليوم في مباراة الكرة الدولية في وقتها الإضافي الثاني ولم يبقَ سوى القليل ؛ ليصفِّر حكم المبارة والبدء في الضربات الترجيحية التي لن تكون كذلك وإنما تتحوَّل إلى جزائيَّة بمساعدة لجنة الحُكَّام التي أصابها الخور وأعطبها الفساد السياسي .
لن يكون هناك حرباً عالمية ثالثة بمعناها الواسع ، وإنما الواقع يقول : إنها حربٌ تقتصر على الجُغرافيا المستهدفة ، والتاريخ سيُسجِّل هذهِ الحرب على طريقة الجي بي إس وعلى صورة الخريطة الديموغرافية الجديدة .
المشهد الحالي يحكي خِططاً مكشوفة والمُشَاهِد اليوم يُفسِّرها الحدث بميزان العقل ويرصد الأبعاد العرضية والطولية ، والخاسِر من أكل الطُّعْم ، فالغلبة لِمَن أوْكَلَ أمرهُ لله ، والنصر من عند رب الناس والله المستعان على ما يُخططون له !!
ماشاء الله