جزء من طفولتنا  



بقلم:”  الاميره الفيصل “

هل ما زلتم تذكرون الرسوم المتحركة التي قمتم
بمتابعتها بالصغر ؟
ربما يبدو هذا السؤال غريباً وربما تساءلتم ” هل نحن حقاً داخل مقاله ؟ ” نعم أعزائي أنا أعي تماماً ما أسأل و أعي تماماً أين أنا الآن ولكن لن أستغرب استنكاركم فليس الجميع يعلم بأن للرسوم المتحركة أثر لا يستهان به على جميع البشر ولعلها لا تترك أثراً عادياً أبداً فهل لنا أن نستطلع الأمر قليلاً ؟

دعونا نقارن بين طفل قضى طفولته يتابع رسوم متحركة هادفة دبلجت باللغة العربية الفصحى وباللفظ الصحيح الذي يستطيع منه الطفل تعلم لغته بطريقة ممتازة وبين طفل قضى طفولته يتابع رسوماً متحركة مشوهة ذات محتوى مبتذل دبلجت بلهجات عامية أو بلغة عربية فصحى مشوهة .

إن السؤال بسيط جداً ترى من برأيكم المستفيد الأكبر؟
دعونا نتفق على أن الرسوم المتحركة هي جزء من صناعة شخصية الطفل خاصة في وقتنا هذا حيث صار الإعلام أداة توجيه الأسرة و المدرسة .

يلجأ الأهالي دائماً إلى إلهاء الطفل عبر تركه ساعات طويلة أمام التلفاز ويختارون له الرسوم المتحركة خوفاً من أن يتعلم أشياء سيئة معتقدين بأن الكرتون لن يؤذي الطفل بأي شكل ولكن هذا غير صحيح كون الطفل أذكى مما يتوقع الآباء بكثير فهو يركز على كل تفصيل صغير يمكن للأهالي أن لا تلاحظ حتى، قرأت ذات مرة عبارة تقول : ” إن حصيلة ما يتعلمه الطفل من معلومات ما بين ازدياده . أي بعد الفطام ـ إلى سن البلوغ ( الرابعة عشرة ) تفوق كل ما يتلقاه بعد ذلك من علم ومعرفة بقية عمره مهما امتد عشرات السنين ” إذاً هل لكم أن تتخيلوا مدى تأثر الطفل بما يشاهده ؟

للأسف لم نعد الآن نجد رسوم متحركة تقدم للطفل ما يمكنه أن يستفيد منه سواء أخلاقياً أو تعليمياً .

صار الطفل يتعلم العنف والعادات السيئة حتى أن الرسوم المتحركة التي تعرض الآن لا تشبع فضول الطفل الذي يبحث عن أجوبة كثيرة لأسئلته إن الرسوم المتحركة هي مصدر مهم للطفل في تعلم اللغة العربية الفصحى وخاصة النطق بها وتعلم مفردات جديدة بينما لا يجد في بيئته من يحدثه أو يتكلم إليه باللغة العربية الفصحى.

قديماً كانت الرسوم المتحركة مساحة للآباء والأبناء اليجتمعوا جميعاً و يشاهدوها ، لم تكن تقتصر على عمر معين فقد جمعت الكثير من من القيم والأخلاقيات التي استطاع الكبار والصغار التعلم منها كما ان اغلبها كان مقتبس من روايات عالميه جذبت انتباه الصغار والكبار .

أذكر بأنني سارعت لقراءة رواية توم سوير بعد أن رأيتها في إحدى المكتبات و لم أكن أعلم بأن الرسوم المتحركة التي شاهدتها كانت مقتبسة عن رواية وبعدها بدأت أبحث عن الروايات العالمية التي شاهدتها ككرتون على التلفاز الأقرأها .

لم أكن أدرك بأن هذه هي أولى خطواتي نحو عشق لا ينتهي للقراءة .كانت سبباً في تعلمي اللغة العربية الفصحى فلم أكن أسمعها لا في المدرسة ولا في البيت حتى أصبحت الرسوم المتحركة المصدر الأول لي ،أذكر بأنني وجدت مع مجموعة من عشاق الرسوم المتحركة القديمة ، إحدى المدبلجات القدامى والتي بلغت الستين من عمرها وعادت لتصدم بكمية الأشخاص الذين كانوا يبحثون عنها ممتنين لما قدمته وما زالوا حتى يومنا هذا متأثرين بدورها في الدبلجة .

أخبرتنا بأنه كان لديهم مصحح لغوي كان يزعجهم بإيقافهم كل فترة ليصحح لهم أخطاء لغوية و نحوية ككسر حرف بدل فتحه مثلاً .

أجد بأن للكتب دور كبير جداً هنا فلو أننا نهتم بانتقاء كتب راقية لتحويلها إلى رسوم متحركة تحاكي عقول الأطفال و تلامس قلوب الكبار لكان هذا ليصنع تأثيراً كبيراً على الطفل الذي هو جزء مهم من كل مجتمع .

إن من المهم جداً أيضاً أن يتعلم الطفل اللغة العربية الفصحى الصحيح التي لا يتعلمها غالباً داخل بيئته للأسف .

فما نظرتكم حيال الأمر ؟ وهل لا تزال ثمة قطرات متبقية من أنهار روح الطفولة التي جفت ، تتواجد في دواخلكم ؟ هل دفعكم التلفاز الهادف يوماً للقراءة أو الكتابة ؟