الموانىء السعودية روافد اقتصادية وتجارية على خارطة النقل البحري العالمي



حظيت الموانئ منذ نشأتها باهتمام كبير من الدولة ، منذ عهد مؤسسها وباني نهضتها الملك عبدالعزيز – رحمه الله – لتشكل أحد أهم الروافد الاقتصادية والتجارية الحيوية في المملكة، ودعم دورها المهم في تطوير أعمال التجارة الإقليمية والدولية، نظراً لارتباطها الوثيق بالاقتصاد الوطني من خلال دورها الرئيس في خطط التنمية، التي وفرت لها لإمكانات والخدمات والتسهيلات اللازمة لتطويرها ورفع طاقتها، بما يُسهم في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.

وقد مرت الموانئ بمراحل بناء وتطور طويلة ومختلفة منذ مرحلة التأسيس وصولاً إلى إنشاء المؤسسة العامة للموانئ في عام 1976م،حيث دشنت العديد من الموانئ حتى عام 1997م التي تم فيه إسناد أعمال التشغيل في الموانئ للقطاع الخاص، وفي عام 2018م صدرت موافقة مجلس الوزراء على تغيير اسم المؤسسة العامة للموانئ إلى هيئة عامة مستقلة والموافقة على تنظيمها.

ويُعد هذا القرار بالغ الأهمية؛ لما له من دور في تعزيز خدماتها ورفع طاقتها الاستيعابية، ودعم مسيرة البناء والتنمية في المملكة، لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030؛ حيث ستتمكن “موانئ” من أداء دورها الإشرافي والتنسيقي والتشريعي بالكثير من المرونة عبر إعطاء مجلس إدارتها صلاحيات واضحة، تسهم في سرعة الاستجابة والتفاعل مع كل ما يطرأ على صناعة النقل البحري من مستجدات؛ ما دعا الهيئة إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات من شأنها تفعيل دور الموانئ السعودية في المرحلة المقبلة، وتطوير بيئة إدارة الموانئ والبنية الأساسية، ورفع كفاءتها التشغيلية، واستغلال قدراتها وإمكاناتها في إقامة مشروعات تشغيلية ولوجستية متنوعة تساهم في تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

وتتولى الهيئة العامة للموانئ “موانئ” مسؤولية الإشراف على تطوير الموانئ السعودية وتنظيمها وإعادة ترتيب أوضاعها، تزامناً مع النهضة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة؛ عبر إشرافها على تسعة موانئ سعودية؛ ستة منها تجارية، وثلاثة صناعية، يطل أربعة منها على الخليج العربي، وخمسة على البحر الأحمر، التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بجميع الأنشطة الاقتصادية والصناعية التي تقام في جميع مدن ومناطق المملكة؛ إذ تؤدي الموانئ التجارية دوراً محورياً في تيسير عمليات جلب كافة السلع والخدمات اللازمة لمتطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والصناعية، كما أن للموانئ الصناعية دوراً أساسياً في دعم الصناعات الوطنية وفتح المجال أمامها للمنافسة الخارجية من خلال قربها من مناطق الإنتاج وتسهيل عمليات تصدير الصناعات البتروكيماوية والسلع البترولية.

وحرصت الهيئة على تجهيز الموانئ بأحدث المعدات لتلائم طبيعة السفن التي تؤمنها والبضائع التي تتعامل معها، بالإضافة إلى توفير أعماق كافية أمام الأرصفة لاستقبال الأجيال المختلفة من السفن العملاقة التي تملكها خطوط الملاحة العالمية، وقد خطت خطوات واسعة نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، حيث نفذت العديد من مشروعات التطوير والتوسعة في جميع الموانئ لزيادة قدراتها وتحسين أداءها، كما تبنت حزمة من الإجراءات التنظيمية والإدارية التي تواكب متطلبات المرحلة المقبلة منها: تطبيق نظام مجتمع الميناء (port community system) في جميع الموانئ، تطبيق مؤشرات قياس الأداء التشغيلي (KPI”s international)، تطبيق مشروع فسح الحاويات خلال (24) ساعة الذي أدى إلى تقليص وقت تخليص البضائع في محطة جميع الموانئ إلى ثلاثة أيام فقط، إصدار اللائحة التنظيمية للوكلاء البحريين والخاصة بالحصول على ترخيص مزاولة أعمال الوكيل البحري داخل جميع موانئ المملكة .

ومن ضمن الإجراءات التنظيمية والإدارية كذلك إدارة الشاحنات في الموانئ، تطوير أنظمة تحيد المواقع إلى نظام لوران، هذا بالإضافة إلى تطبيق نظام المحفظة الإلكترونية، مبادرة المنافست الإلكتروني، مبادرة التأجير الإلكتروني لمواقع الأراضي والمستودعات في الموانئ، تحديث ضوابط تأجير الأراضي في الموانئ لتعظيم الاستفادة من ممتلكات الدولة في الموانئ، تنفيذ برنامج رواد المستقبل الذي يختص بتأهيل مجموعة من الموظفين المؤهلين لتولي القيادة في المرحلة القادمة، ابتعاث عدد من خريجي الجامعات من خلال برنامج ينتهي بالتوظيف للحصول على درجة الدبلوم التخصصي أو الماجستير في عدد من التخصصات ذات العلاقة بالأعمال البحرية وأعمال الموانئ.

كما عملت “موانئ” على إطلاق نافذة الدفع الموحد في الموانئ كمرحلة تجريبية بالتعاون مع الهيئة العامة للجمارك والشركة السعودية لتبادل المعلومات إلكترونياً “تبادل” البنك السعودي البريطاني (ساب)، التي تهدف إلى توحيد الرسوم والأجور آلياً، وتسهيل التعاملات المالية وإلغاء التعاملات النقدية في الموانئ السعودية، كما عملت “موانئ” على هندسة الإجراءات والاشتراطات توافقاً مع طموح المملكة للتحول إلى منصة لوجستية عالمية.

وتعمل الهيئة حالياً على استغلال كل الإمكانات والمقومات التي تتمتع بها الموانئ السعودية في مشروعات ذات قيمة مضافة، بالإضافة إلى تعزيز فرص الاستثمار في منظومة الموانئ بالمملكة ومساندة المشروعات التنموية للدولة وفق استراتيجيتها الاقتصادية الجديدة، وهناك أولوية لتطوير عقود الإسناد وأعمال المناولة من الجوانب المالية والقانونية والتشغيلية.

ووفقاً لأخر الإحصائيات الصادرة من الهيئة العامة للموانئ، فقد بلغ إجمالي البضائع المناولة في الموانئ السعودية خلال شهر أغسطس 2018م، 22.41 مليون طن، بنسبة زيادة بلغت 1.39% عن ما تم تحقيقه بنفس الفترة من العام السابق والبالغة 21.86 مليون طن.

في حين بلغ عدد الحاويات المناولة في الموانئ السعودية خلال شهر أغسطس 2018م، 519 ألف حاوية، وبلغ عدد السفن 1089 سفينة، فيما بلغ عدد الركاب 160 ألف راكب، وبلغ عدد العربات 47 ألف عربة، وبلغ عدد المواشي 1.49 مليون رأس من الماشية.

هذا وبلغ إجمالي البضائع المناولة في جميع الموانئ السعودية خلال النصف الأول لعام 2018م, 127,647,408 مليون طن، بزيادة قدرها 2.12 %، عن ما تم تحقيقه خلال نفس الفترة من العام السابق، فيما بلغ عدد الحاويات المناولة 3,156,115 مليون حاوية بزيادة قدرها 1% عن ما تم تحقيقه خلال نفس الفترة من العام السابق.

في حين بلغ إجمالي أعداد السفن خلال النصف الأول لعام 2018م, 6,353 آلاف سفينة، وبلغ عدد العربات 359,634 ألف عربة، فيما بلغ عدد الركاب 633,133 ألف راكب، وبلغ عدد المواشي 2,840,218 مليون ماشية.

وقد شهدت الموانئ السعودية نمواً في إجمالي البضائع والحاويات المناولة خلال النصف الأول لعام 2018م مقارنة عن نفس الفترة من العام السابق.

كما نفذت الهيئة العامة للموانئ خلال العام 2018م، حزمة من الإجراءات والقرارات التنظيمية والإدارية والتشغيلية الهادفة إلى تفعيل دور الموانئ السعودية في المرحلة المقبلة، وتطوير بيئة إدارة الموانئ والبنية الأساسية، ورفع كفاءتها التشغيلية واللوجستية، واستغلال قدراتها وإمكاناتها؛ بما يخدم في إقامة مشروعات تشغيلية ولوجستية متنوعة تسهم في تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتدعيم الحركة التجارية في المملكة.
وشملت تلك الإجراءات: تطبيق نظام مجتمع الموانئ، وتطبيق مبادرة فسح الحاويات خلال 24 ساعة، وتقليص مدة بقاء الحاويات لتصل إلى أقل من 5 أيام والهدف الوصول إلى 3 أيام في عام 2020م، بالإضافة إلى تقليص فترة إعفاء أجور التخزين في مختلف الموانئ من 10 إلى 5 أيام، وكذلك تقليص إجراءات إصدار وتجديد التراخيص الخاصة بالوكلاء البحريين ومموني السفن (م عدا الوقود) وتعديل وتسهيل الاشتراطات الخاصة باستخراج تلك التراخيص، إلى جانب وضع الآلية للمستثمر الأجنبي للحصول على تصريح الوكالات البحرية.

كما نفذت الهيئة خلال العام 2018م أيضاً العديد من الخدمات والمبادرات التي تتسق مع تلك الإجراءات من أهمها: إطلاق مبادرة تيسير عمليات تصدير المنتجات الوطنية في الموانئ السعودية، وإطلاق مبادرة إلغاء التأمين النقدي على الحاويات تماشياً مع أفضل الممارسات العالمية، بالإضافة إلى الإطلاق التجريبي لنظام نافذة الدفع الموحد، والإطلاق التجريبي لخدمة مواعيد حجز الشاحنات.

وقامت الهيئة العامة للموانئ خلال الفترة الماضية على سلسلة من الخدمات التي شملت تطوير أنظمة تحديد المواقع إلى نظام لوران المطور، والتأجير الإلكتروني لمواقع الأراضي والمستودعات، وتحديث ضوابط تأجير الأراضي للاستفادة من ممتلكات الدولة في الموانئ.

ويأتي ذلك في إطار جهود “موانئ” الساعية إلى دعم ورفع كفاءة وجودة خدمات الموانئ السعودية وتطبيق أعلى معايير الجودة وتيسير أداء الأعمال التجارية بالموانئ السعودية، للإسهام في نمو اقتصادي متميز ومستدام، وتواكباً مع رؤية المملكة 2030 من خلال تحقيق طموح المملكة للتحول إلى منصة ومركزاً لوجستياً متميز عالمياً يربط جميع القارات.

وترتكز رؤية الهيئة العامة للموانئ على توفير منظومة موانئ فعالة وتنافسية، ومستجيبة للمتغيرات، لتعزيز النمو الاقتصادي، ومواكبة التطورات العالمية، وربط الاقتصاد بالسوق العالمي من خلال توفير منشآت منتجة وآمنة، وسليمة بيئياً، وتحقيق الاستدامة المالية.

يذكر أن الموانئ السعودية حققت تقدماً في مؤشر كفاءة خدمات الموانئ بفارق خمس نقاط عن العام السابق وذلك ضمن تقرير التنافسية العالمي للعام 2018م، والذي يُعد أحد أهم المؤشرات التي أسهمت في ارتفاع ترتيب المملكة في نتائج التقرير الصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي.