مِصْرُ هِبَةُ العرب وعِصْبَتهم
الراية الرياض
- الأربعاء, 19 فبراير, 2025
عبدالمحسن الحارثي
المؤرخ الإغريقي الشهير “ هيرودوت” وصاحب الوصف الأشهر لِمِصْر على مدار التاريخ ، يقول : ( مِصْرُ هِبَةُ النيل) ؛ وأنا أقول من السعوديَّة : ( مِصْرُ هِبَةُ العرب)!!
إنَّها قِبْلةُ العلماء والمُفكرين والفلاسفة والمؤرخين في الزمن القديم ، فهي مهد الحضارة الإنسانيَّة منذُ أكثر من 7 آلاف سنة .. مِصْرُ ليست مُجرَّد وطن بحدود ؛ لكنَّها تاريخ الإنسانيَّة كُلّه ، ولا غرابة ؛ فهي أُم الحضارة ورائدة المهارة ، ومنطق الجدارة ، وفي مِصْر القافية السائرة والجُملة الساحرة ، والمقالة الثائرة ، والفِكْرة العاطِرَة.. بلد الحضارات يا مِصْر!!
القاهرةُ الآن أحقُّ بقول أبي إسحاق الزجاج في بغداد ؛( هي حاضرةُ الدُّنيا ، وما سواها بادية)!!
وقال فيها الشاعر :
يامن يُباهي ببغدادَ ودجلتها ….. مِصْرُ مُقدِّمةٌ والشرحُ للنيل!!
قال ابن ظهيرة المخزومي – رحمه الله- عن القاهرة : ( وأمَّا القاهرة بالخصوص ؛ فبلدٌ عظيم الشأن ، وكُرسي الإمام وبُغية الإسلام ، والدليل على شرفها وعظمها ؛ اِتِّخاذ الملوك لها داراً ، وبيت المال بها قراراً ، وجيوش الإسلام لها استقرارا. …).
كانت بحق – وماتزال- صاحبةُ فضل ، فضَّلها الحقُّ سُبحانه وتعالى على سائر البلدان ، وشهِدَ لها القُرآن ، بالكرم وأعظم منزلة ، وذكرها باسمها ، وخصَّها دون غيرها ، وكرَّر ذكرها ، وأبان فضلها في آيات من القرآن العظيم ، وكفى بالقرآن الكريم شهيداً .. قال تعالى : ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أنْ تبوءَا لِقومكمُا بِمِصْرَ بُيُوتاً).
وقوله تعالى: ( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأتهِ أكرمي مثواه).
وقال الحق سبحانه وتعالى : ( … ادخُلُوا مِصْرَ إنْ شاء الله آمنين ).
وقوله عزَّ وجل : ( اِهْبِطُوا مِصْراً فإنَّ لكُم ما سألتُم ).
قال الحجاج بن يوسف الثقفي عن مصر وعن المصريين : ( هُم خيرُ أجناد الأرض …) ومِمَّا قاله زين العابدين عن مِصْر : ( غبارها عبير ، وماؤها كوثري ، وترابها عنبري) فما أحسن هذا الوصف وما أجمله!!
وقال عنهم أمير الشعراء أحمد شوقي :
أنساكِ يا مِصْرُ ؟كيف القلبُ يسكنني….. وكيف للروح أنْ تمضي عن الجسدِ ؟!
إلى أنْ قال :
يا مِصْرُ .. يا قِبْلَةَ العُشَّاقِ ياوطني ….. كُلُّ الأماني مضتْ ، وبقيتِ لي سنديِ
وعنها قال ناصر الدين بن ناهض :
شاطئُ مِصْرَ جنَّة .. ما مثلها من بلد …..لاسيَّما مذ زخرفت .. بنيلها المطََّرِد !!
مصر العُروبة والإسلام ، تغنَّى بها الشعراء ، فهذا شاعر العروبة والإسلام أحمد محرَّم ، يقول:
اَنْجِدُوا مِصْرَ إذا ما فزعتْ ….. وأهابتْ بالكُماةِ الباسلين.
اِحْفَظُوها ، إنَّ مِصْرَ إنْ تُضِعْ ….. ضاعَ في الدُّنيا تراث المسلمين!!
قال عنها نابليون : ( مِصْر أهم بلد في العالم) فلا حرب من دون مِصْر ، ولا سلام إلَّا بمصر .
وقال ابنُ جزيء ، عنها :
لعمرُك ما مِصْر بمصر وإنَّما ….. هي الجنَّةُ الدُّنيا لِمَن يتبصَّر !!
وهناك مقولة مشهورة للملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله- تقول : ( مِصْرُ لا تطلب ، وأنَّما تأمُر ).
كان لمصر على الفلاسفة اليونان فضل عظيم أيضاً ؛ لتاريخهم العريق ، أخذوها الفلاسفة العُظماء من خزينة المصريين الثقافية والتاريخيَّة ، فهذا أبو الفلسفة اليونانيَّة “ طاليس” وأحد الحُكماء السبعة في الحضارة اليونانية القديمة ؛ جاء إلى مِصْرَ ، وبهرتهُ حضارتها ومعارفها ، لدرجة أنَّهُ أوصى “ فيثاغورس” عالم الرياضيات بزيارتها ، فلزِمَ الوصيَّة وزار مصر ومكث فيها عشرين عاماً ، وأخذ عنها نظريتي : ( خُلود الروح ، وتناسخ الأرواح).
كما أُعجِب الفيلسوف “أفلاطون” بعلوم أهل مِصْر وخاصَّةً عِلْمُ الفلك.
وإليك ” أرسطو ” تلميذ أفلاطون ،ومُعلِّم الإسكندر الأكبر ، جاء أيضاً إلى مصر ، وتعلَّم فيها.
ويأتي الشاعر اليوناني الشهير ” هوميروس” وصاحب الملحمتين الشعريتين الأشهر في تاريخ اليونان ” الإلياذة والأوديسا” أيضاً ، تعلَّمَ في مِصْر.
قال عنها ابن بطوطة- رحمهُ الله- : ( هي أُم البلاد ، وقرارة فرعون ذي الأوتاد ، ذات الأقاليم العريضة ، والبلاد الأريضة..)!!
صباحُ الخير يا أرضَ الكنانة ، ، يا ناصرة الديانة ، يا حاملة التاريخ بأمانة !!
