“الفنون الشعبية” منتج ثقافي معاصر ينبض بالحياة ويعكس تنوّع وثراء الإنسان في الباحة

تختلف الفنون الشعبية التي تقدم في المناطق الجنوبية بالمملكة من منطقة لأخرى، وساعد هذا التنوع الثقافي والجغرافي في ظهور العديد من الأنماط و التعبيرات الخاصة لكل منطقة.
وفي منطقة الباحة، تتم محاكاة الموروث الفني الذي يمزج بين الثقافة والتراث بالصورة التي تستهوي ذائقة زوار وأهالي المنطقة وتلبي تطلعاتهم للتعايش مع الحضارة الأصيلة التي عاشتها على مر العصور وتعاقب الأزمنة وتتداوله الأجيال عن الآباء والأجداد.
وأوضح مدير فرع جمعية الثقافة علي خميس البيضاني، أنه يوجد في المنطقة 12 فرقة شعبية يتجاوز عدد الأعضاء فيها الـ 350 عضوًا ومشاركًا من مختلف محافظات المنطقة، وأن الجمعية تعمل على توثيق وإعادة إحياء كل الفنون المندثرة مثل الهرموج والمهشوش والسامر واللعب والمسحباني وطرق الجبل والمجالسي، مشيرًا إلى أنه ينظم الفرع لها مهرجانات خاصة وجعلها حاضرة في مناسبات المنطقة الوطنيّة والاجتماعية والسياحية.
وأكّد أن هذه الجهود تُعد امتدادًا لرؤية المملكة 2030 في دعم الثقافة والفنون بكافة مجالاتها كونها عنصرًا رئيسًا في التنمية الوطنية، وتحويل التراث المحلي من مادة أرشيفية إلى منتج ثقافي معاصر ينبض بالحياة، ويعكس تنوّع وثراء الإنسان في الباحة، وأنه تم إدراج الفنون الشعبية ضمن موسوعة الأدب الشفهي والطب الشعبي بالمنطقة.
من جانبه، أوضح عضو جمعية الثقافة والفنون بالباحة محمد بن ربيع الغامدي، أن الباحة غنية بفنونها الأدائية الراقصة التي تتوارثها الأجيال، ويمكن تقسيمها إلى قسمين كبيرين أولهما: العرضة، وهي فنّ شعبي تطبيقي وتحولت إلى فنّ نفعي، أخذ من الفن الخالص الطرق والإيقاع والآلة وحركات الجسد والإيماءات والصورة الفنية العامة، بينما أخذ من المنافع حاجة القبيلة إلى استعراض رجالها وحاجة رجالها إلى التدريب والمناورة، أما القسم الثاني من تلك الفنون الأدائية الراقصة فهو: اللعب، وهو فنُّ صِرف، فنُّ من أجل الفنّ، متاح للجميع ومنه الهرموج، والمسحباني، والسامر، والمكسور الذي استحوذ على اسم هذا الفرع فسموه” اللعب”.
وبيّن الغامدي أن آلات الموسيقى في هذه الرقصات تختلف فهناك الزير، وقد يصاحبه البرزان “آلة نفخ”، وفي اللعب يستخدم الزير نفسه مصحوبًا بآلة إيقاع أقل منه تسمى الحلة، ويحمل كل راقص دفّا متوسط الإطار، ويرقص الرعيان عادة على أنغام الصفريقا “آلة نفخ شعبية” مع إيقاعات الدف أو الزير، وأنه تقدم الفرق الشعبية في منطقة الجنوب خلال مهرجانات موسم الصيف والمناسبات الوطنية التي تعد من أكثر المناطق تنوعًا ففيها السراة وتهامة.
وقال: تعد العرضة أو ما يسمى “رقصة الحرب والمدقال واللعب، مصحوبة بدخان البارود الذي يغطي السماء مما يشكِّل لوحة إبداعية، تتناغم مع الزي والأداء الاستعراضي، فيما يلعب الشاعر دوره البارز بالقصائد الحماسية في ساحات العرضة، ما يبث الحماس والنشوة في نفوس الجمهور، إضافة إلى الخطوة والزحفة والقزعوى والزامل والمسيرة والرايح وغيرها.