رهبةُ النسيان بعد الفراق
نورة بنت طالب العنزي
ما أقسى أن نتكئ على الذاكرة، فنجدها تُفرغ ما حملت، وتُسدِل الستار على تفاصيل كانت لنا وطنًا. رهبة النسيان مخيفة، ليس لأنها تُنقذنا، بل لأنها تُعرّينا من أجزائنا التي أحببناها يومًا، وتتركنا في مهبّ الحنين، نتلمّس الوجوه في العتمة، ولا نرى غير الضباب.
بعد الفراق، لا تكون رهبة النسيان كما يُروّج لها بأنها رحمة، بل تأتي كعقوبة مزدوجة: تُقصي عنك من تحب، ثم تُقصي عنك ذاتك التي كنتها معهم. يموت الاسم في الذاكرة ببطء، يُمحى الصوت من الأذنين، تتآكل الضحكة من زوايا القلب، وتبقى الحواسُّ تتساءل: “أما كان هذا الحبّ حيًّا؟ أما كانت الذكريات أكثر صلابة من النسيان؟”
الفراق، في حدِّ ذاته، موتٌ مؤجل. والنسيانُ بعدهُ… هو دفنٌ بلا عزاء.
هو أن تبحث عن رائحة بعينك، وصوتٍ بأنفاسك، ولا تجد غير الصمت، والخذلان الذي يتسلل إلى أعماقك دون استئذان.
وكم هو مؤلم، أن تكون مخلصًا في التذكر، فيما الطرف الآخر يُجيد الخيانة بالنسيان. أن تحيا التفاصيل فيك بكل عنفوانها، بينما هم يمرّون عليك وكأنهم ما مرّوا! تُصبح وحدك حاملًا لكل الإرث العاطفي، تؤرّخ، وتكتب، وتبكي، وتكظم… بينما هم يبتسمون في صورٍ جديدة، بصحبة أسماء لا تعرفها، وضحكات لا تخصّك.
يا لهذا النسيان، كم يُشبه الخيانة حين يأتي منّا رغماً عنّا، وكم يشبه الخذلان حين يأتي من غيرنا وكأنّه انتصار!
إننا لا ننسى لأننا أقوياء، بل لأن التعب غلب الذاكرة، لأننا حاولنا كثيرًا أن نبقي الوجوه حيّة، لكنّها ماتت فينا مرارًا، فلم نجد بدًّا من دفنها.
وفي النهاية، لا أحد ينتصر في النسيان.
الكلُّ مهزوم، إمّا بشوقٍ مؤلم، أو بصمتٍ قاتل، أو بحياةٍ خاوية من الطيف الذي كان يملأها دفئًا، وضجيجًا، وانتماءً.
فالنسيان ليس طريقًا للنجاة كما يتوهمون…بل هو هاويةٌ نسقط فيها مرارًا، كلما تظاهرنا أننا بخير .




لا فض فوك يا سيده القلم
صدق من قال. (((اعطيناهم حبا ولم ننتظر اخذا..
اهديناهم وردا ولم ندرك الشوك ..
ووهبناهم نفسآ،،،واستهانوا بها بئسا.. بربكـ هذآآ حــآآل
اروح وارد لنفس المكـآآن
واقول ان الفــــرآآق محـــآآل
يرجع لي صدى صوتي
يقول تكفــى انسى مـآآكـآآن…..!! ))))
!
للأسف هذا هو الحال نوعد النسيان بالنسيان ونخون الوعد باستجلاب الذكريات