المعلم صانع الأجيال وباني الأوقاف الحقيقية



منور بن خليفة الطويلعي

مع بداية عام دراسي جديد، تتجلى أهمية دور المعلم والمعلمة في احتواء الطلاب ودعمهم، لا سيما في ظل الظروف المختلفة التي يمر بها بعضهم، مثل فقدان أحد الأبوين، التفكك الأسري، أو التحديات المادية والاجتماعية. فالمدرسة ليست مجرد مكان لتلقي الدروس، بل هي البيئة التي تُزرع فيها القيم ويُستثمر فيها العقل والخلق، فتتحول الكلمات المشجعة إلى دافع نحو التفوق والإبداع.

أثر الكلمات في التعليم

الكلمة الصادقة والتشجيع الصحيح قد يُحدثان فرقًا عميقًا في حياة الطلاب، كما يظهر من تجارب العلماء والمربين:

• الإمام الشافعي – رحمه الله – أثنى على تلميذه الربيع قائلاً: “الربيع حافظ، لولا الله ثم الربيع لضاع نصف كلامي”، فشعر الربيع بالمسؤولية تجاه العلم وزاد اجتهاده حتى أصبح عالمًا فاضلًا حافظًا للحديث والفقه.

• الإمام الذهبي – رحمه الله – قال لأحد طلابه: “خطك يشبه خط المحدثين”، وكانت هذه الكلمات تحفيزًا للاستمرار في طلب العلم.

• ابن الجوزي – رحمه الله – قال لابنه: “فانتبه يا بُني لنفسك، اندم على ما مضى من تفريطك، واجتهد في لحاق الكاملين ما دام في الوقت سعة”، مما حثه على الاجتهاد والانضباط.

أمثلة معاصرة

ومن واقع التعليم المعاصر، لا تزال الكلمة التربوية تصنع الفارق:

• معلمة رأت في طالبتها ملامح القيادة فقالت: “أرى فيك قائدة ناجحة، اهتمي بدراستك”، فكبرت الطالبة حاملة ثقة تلك الكلمة حتى أصبحت مديرة مدرسة.

• معلم في الصف الأول ابتدائي كرر لطلابه: “أنتم أذكياء وتستطيعون”، وظلت عباراته محفورة في ذاكرتهم لسنوات طويلة.

• معلمة رياضيات خاطبت طالبة متعثرة: “الخطأ بداية الفهم، لا تخافي من المحاولة”، فتحوّل الخطأ من عائق إلى سلم للارتقاء.

• معلم آخر قال: “أنتم أبناء هذا الوطن، وكل واحد منكم مشروع قائد في مكانه”، فغرس شعورًا بالمسؤولية والانتماء في نفوسهم.

العبارات القصيرة والمباشرة مثل: “أنت قادر” – “أنا فخور بك” – “ستكون شيئًا عظيمًا” – “رائع، استمر”، تحمل أثرًا طويل المدى، وتظل محفورة في ذاكرة الطالب، محفزة له على الاجتهاد والتميز.

اكتشاف المواهب وصقلها

اكتشاف المواهب وصقلها يمثل أحد أهم أدوار المعلمين، فكم من طالب تألق وبرز نتيجة دعم معلميه وإيمانهم بقدراته. فكل المهن والمهارات المتنوعة تتخرج من تحت أيديهم، وهم الذين يضعون الأساس الذي يُبنى عليه مستقبل الأجيال.

إنها كلمات بسيطة في شكلها، لكنها عميقة في تأثيرها، تصنع فرقًا حقيقيًا في حياة الطلاب، وتغدو وقودًا يدفعهم نحو التميز. ويبقى المعلم والمعلمة صنّاع أجيال، وأثرهم ممتد على مر الأزمان، هم الركيزة الأساسية لبناء مجتمع متعلم ومثقف ووطن متقدم.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • Rating


مواضيع ذات صلة بـ المعلم صانع الأجيال وباني الأوقاف الحقيقية

https://a.top4top.io/p_3387cgp6g0.png

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الراية الإلكترونية © 2018 - 2025

تصميم شركة الفنون لتقنية المعلومات