الِانْضِبَاطُ الْمَدْرَسِيّ مَسْؤُولِيَّة مُجْتَمَعِيَّة



نواف بن سفر العتيبي

أهمية الانضباط المدرسي
الانضباط المدرسي ليس مجرد حضور يومي أو توقيع في سجل، بل هو قيمة أساسية تقوم عليها العملية التعليمية. فالتعليم الجاد لا يمكن أن يحقق أهدافه إذا غاب الطالب أو تأخر أو لم يلتزم، وكذلك المعلم حين يفقد الحرص على الوقت والانضباط يفقد جزءًا من دوره الأساسي.

المعلم والمعلمة حين يقدمان المعرفة بأسلوب مشوق، والطالب والطالبة حين يلتزمان بالحضور والمشاركة، تكون النتيجة نواتج تعلم أفضل وبيئة تعليمية أكثر فاعلية.

دور المدرسة والمعلمين
المعلمون والمعلمات هم القدوة وصانعو الفارق. بأساليبهم المتنوعة وقدرتهم على جذب الطلاب يساهمون في تحويل الحضور إلى سلوك محبب. والبيئة المدرسية عندما تكون جاذبة ومنظمة بمرافقها وإدارتها، تصبح المدرسة مكانًا مرغوبًا فيه، فيرتبط الانضباط بالراحة والانتماء لا بالإجبار. وهنا يبرز دور الإدارة المدرسية في ترسيخ قيمة الالتزام وتحفيز الجميع على الالتزام بروح إيجابية.

دور أولياء الأمور
أولياء الأمور هم الركيزة الأساسية في متابعة أبنائهم. حين يحرص الأب والأم على التأكيد اليومي بأهمية الحضور، وتقديم الدعم والمتابعة المستمرة، فإن ذلك يغرس قيمة الانضباط منذ الصغر. كما أن الطلاب والطالبات حين يشجع بعضهم بعضًا على عدم الغياب والالتزام بالوقت، فإن ذلك يضاعف من أثر هذه الثقافة بينهم، خاصة أن التأثير العمري المتقارب يكون أكثر قبولًا بينهم من أي توجيه خارجي.

دور المجتمع المحلي
المجتمع المحلي بكل أطيافه معني بالانضباط. فالمسجد منبر للتوعية، والإمام والخطيب قادران على ترسيخ هذه القيمة عبر خطب الجمعة والمناسبات الدينية. أساتذة الجامعات والدعاة والمثقفون يمكنهم نشر رسالة الانضباط عبر منابرهم المختلفة. وحتى رؤساء الجهات الحكومية عليهم مسؤولية دعم المدارس في هذا الجانب، فالقضية لا تخص قطاع التعليم وحده بل تعكس وعي المجتمع ككل.

دور الجهات الخدمية
الجهات الخدمية أيضًا شريك مهم. من غير المنطقي أن تستمر المقاهي ودور السينما والأسواق إلى ساعات متأخرة خلال أيام الدراسة، بينما نتحدث عن الانضباط والاستيقاظ المبكر. إغلاق هذه الأماكن في وقت مبكر مساءَ خلال أيام الأسبوع الدراسي، كما هو معمول به في دول متقدمة، يسهم في الحد من السهر ويجعل النوم المبكر عادة يومية. هذه الخطوة تنعكس مباشرة على نشاط الطلاب صباحًا، وعلى جودة التعليم، بل وعلى إنتاجية المجتمع كله.

أهمية تطبيق اللوائح
الانضباط لا يستقيم من دون تطبيق جاد للوائح السلوك والمواظبة. التهاون يضعف أثرها ويشجع على الغياب والتسيب، بينما الحزم العادل يرسخ قيمة الالتزام ويجعلها جزءًا من سلوكيات الطالب اليومية. تطبيق هذه اللوائح ليس عقابًا بقدر ما هو رسالة واضحة أن الانضباط مسؤولية لا يمكن التنازل عنها. وقد شددت وزارة التعليم على أهمية تطبيق لائحة السلوك والموظبة وحددت في حال تجاوز الطلاب والطالبات نسبة 10% للغياب في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة يحرمهم من الانتقال للسنة التالية والمرحلة الثانوية يحرمون من الانتقال للفصل التالي وتبنت شعار (حضورك سر نجاحك).

الانضباط ورؤية 2030
رؤية المملكة 2030 تهدف إلى صناعة مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح، ولا يمكن الوصول إلى هذه الغايات من دون مجتمع يؤمن بقيمة الانضباط في كل تفاصيل حياته. المدرسة والأسرة والمجتمع والجهات الرسمية والخدمية، جميعهم شركاء في منظومة واحدة. وعندما تتكامل هذه الجهود، نصنع مجتمعًا حضاريًا يترجم الانضباط إلى سلوك يومي ينعكس على التعليم والعمل والإنتاجية.

الانضباط المدرسي ليس مطلبًا إداريًا فقط، بل مسؤولية مجتمعية شاملة. وحين ندرك هذه الحقيقة ونعمل معًا، فإننا لا نصنع فقط جيلاً منضبطًا، بل نبني مجتمعًا واعيًا قادرًا على تحقيق تطلعاته وصناعة مستقبله.


5 /5
Based on 1 rating

Reviewed by 1 user

    • يوم واحد ago

    أجدت وأفدت ، من تجربة تربوية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • Rating


مواضيع ذات صلة بـ الِانْضِبَاطُ الْمَدْرَسِيّ مَسْؤُولِيَّة مُجْتَمَعِيَّة

https://a.top4top.io/p_3387cgp6g0.png

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الراية الإلكترونية © 2018 - 2025

تصميم شركة الفنون لتقنية المعلومات