الصف الأول .. حيث تبدأ الحكاية
منور خليفة الطويلعي
الصف الأول الابتدائي ليس مجرد مرحلة تعليمية، بل لحظة فاصلة في حياة الطفل. هنا تبدأ رحلة الاكتشاف والمعرفة، ويصقل المعلم أو المعلمة شخصية صغيرة تكبر معه عامًا بعد عام. كل يوم يحمل تحديات وفرصًا، لتترك بصمة دائمة في نفوس الأطفال، فهذه المرحلة حجر الأساس لمستقبلهم، ومفتاح صناعة أجيال متوازنة ومبدعة.
من أجمل محطات حياتي المهنية كانت تجربة تدريس الصف الأول !حيث يأتي الطفل كصفحة بيضاء، يحمل خيالًا واسعًا ورغبة صادقة في التعلم. لا يقتصر دور المعلم أو المعلمة على تعليم الحروف والكلمات، بل يتجاوز ذلك إلى غرس القيم، وتعزيز الانضباط، وتنمية المهارات القرائية والكتابية والإملائية. التدريس هنا يشبه الوقوف على شاطئ بحر واسع، تراقب الموجة الأولى التي تصل إلى قدمي الطفل، لتعلم أنها بداية عبور طويل سيشقّه في المستقبل. هنا يختلط الجد بالمرح، والعلم باللعب، والصرامة بالحنان، فلا نجاح إلا بمزيج متوازن بين الحزم والحب.
عشر خبرات ذهبية للمعلم أو المعلمة :
1. استثمار خيال الطفل لأنه نافذته الأولى إلى المعرفة.
2. إفساح مجال للفوضى البريئة فهي زفير الطفولة الطبيعي.
3. إغداق الحب والحنان لغة يفهمها الأطفال قبل الكلام.
4. قضاء وقت إضافي معهم لتعزيز العلاقة الإنسانية.
5. إدخال المرح والابتسامة جسر نحو قلوبهم.
6. الحزم الحكيم لتوضيح حدود الحرية.
7. التعلم بالمشاركة واللعب لأن التجربة أصدق من الشرح وحده.
8. التحقق المستمر من الفهم فالعقول الصغيرة لا تبوح دائمًا بما لم تدركه.
9. التكرار المثير الذي يراعي فروق القدرات ويحافظ على شغف التعلّم.
10. بناء الشخصية والهوية والدعم النفسي للطلاب المحتاجين، خصوصًا من يعانون تفككًا أسريًا أو فقدًا لأحد الوالدين، مع تعزيز قيمهم وهويتهم.
الطالب مشروع وقف خيري
الطالب الصغير ليس مجرد متعلم، بل مشروع حياة وأمة. كل حرف يتعلمه، وكل قيمة تُغرس فيه، وكل سلوك يُنقش في وعيه، هو أثر ممتد يتجاوز المعلم أو المعلمه ليصل إلى المجتمع والوطن.
ولهذا أؤمن أن طالب الصف الأول هو “مشروع وقف خيري”، فكل ما يُخط على الصفحة البيضاء يُحفظ في ميزان حسنات المعلم أو المعلمة ، يرافقه أثر خالد ما دام الطالب حيًا.
إن المعلم أو المعلمة في الصف الأول يحملان رسالة عظيمة، رسالة إنسانية ووطنية، تصنع الأجيال، تبني المستقبل، وتزرع في نفوس الأطفال حب العلم والقيم والانتماء.



