الوطن حيث تتحول الأحلام إلى واقع

ثريا الشهري :
الوطن ليس جغرافيا مرسومة على خرائط، ولا مجرد تاريخ في كتب؛ الوطن روح حية تنبض فينا، ومساحة تتسع كلما كبرنا، وتكبر بنا كلما آمنّا بأننا شركاء في صناعته.
في علم النفس، يُقال إن الإنسان يبحث دائماً عن “المكان الأول” الذي يمنحه الأمان والهوية. ذلك المكان هو الوطن؛ حيث تتحول الذكريات إلى جذور راسخة، والانتماء إلى قوة داخلية تدفعنا للأمام. والوطن الحقيقي لا يكتفي بأن يحتضننا، بل يوقظ فينا رغبة التطوير، ليجعلنا نسخة أجمل من أنفسنا.
وهذا ما تجسده رؤية المملكة 2030، فهي لم تأتِ كمجرد خطة اقتصادية، بل كمنهج حياة، يفتح لكل مواطن باباً ليكون جزءاً من مشروع النهضة.
ففي المجتمع الحيوي، رأينا كيف أصبحت الثقافة والفنون والرياضة لغة جديدة للحياة اليومية؛ من موسم الرياض الذي جمع العالم على أرض المملكة، إلى مشاريع العُلا التي أعادت إحياء التاريخ بروح معاصرة.
وفي الاقتصاد المزدهر، تحوّل الحلم إلى واقع عبر مشاريع عملاقة مثل نيوم، المدينة التي ترسم ملامح المستقبل، ومشروع القدية الذي يصنع صناعة ترفيه عالمية، وبرامج تمكين المرأة التي جعلتها شريكاً كاملاً في مسيرة التنمية.
أما في الوطن الطموح، فقد رأينا كيف تحولت قيم الشفافية والكفاءة إلى ممارسة يومية، وكيف صارت الطاقة المتجددة جزءاً من هوية السعودية الجديدة، لتقول للعالم: نحن نبني مستقبلاً يليق بأحفادنا.
الوطن مرآتنا: كلما اجتهد الفرد في تحسين نفسه، انعكس ذلك على صورة وطنه. وكل نجاح شخصي ليس إنجازاً فردياً فحسب، بل لبنة في بناء أوسع. فالوطن لا يكبر بموارده فقط، بل بكفاءة أبنائه وإصرارهم على أن يكونوا على مستوى طموحه.
اليوم، لا نعيش مجرد انتماء عاطفي إلى وطننا، بل انتماء عملي يترجم الحب إلى إنجاز، والولاء إلى ابتكار. ومن هنا يصبح الوطن مساحة مشتركة بين القلب والعقل، بين العاطفة والفعل.
إننا أمام وطنٍ لا يكتفي بأن يكون موطناً لنا، بل يجعلنا نحن أوطاناً صغيرة تحمل هويته في كل مكان، وتعيد رسم صورته في كل إنجاز. وطنٌ يعلّمنا أن الفخر ليس شعوراً لحظياً، بل أسلوب حياة، وأن الحب ليس قصيدة تُقال، بل عمل يُنجز.
وكل عامٍ ووطننا أكثر ازدهاراً، أكثر طموحاً، وأكثر فخراً بنا… وكل عامٍ ونحن به ومعه، ومعاً نصنع المستقبل.
كل عام وأنت بخير يا وطني
ابدعت الكاتبة المتميزة أ ثريا