رند بني علي من قلب العلا تصنع حضورًا ثقافيًا بتراث يُعاش لايُروى



ليست كل المشاركات حضورًا، وليست كل الأصوات تأثيرًا  لكن حين تُستدعى الذاكرة الوطنية إلى قلب المشهد، يظهر اسم رند بني علي بوصفه حالة وعي تتجاوز العمر، وتجربة ثقافية تعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والمكان. حضورٌ لا يكتفي بالتمثيل، بل يصنع الأثر، ويضع التراث في موقعه الحقيقي: جزءًا حيًا من الهوية الوطنية لا يقبل التهميش ولا النسيان.

حيث سجّلت رند بني علي، حضورًا ثقافيًا لافتًا خلال مشاركتها في أمسية احتضنتها البلدة القديمة وقلعة العلا التاريخية، ضمن فعاليات ليالي البلدة القديمة، في حدثٍ ثقافي أعاد تعريف مفهوم الاحتفاء بالموروث الوطني، بوصفه قيمة معرفية وحضارية متجددة.

وجاءت الأمسية في إطارٍ بصري وثقافي متكامل، جمع بين العروض الفنية التراثية، والموسيقى الحيّة، داخل المدرج المفتوح، حيث تحوّل المكان إلى منصة سرد حيّة، تفاعل فيها الزائر مع التاريخ لا كمشاهد، بل كشريك في التجربة.

وقدّمت رند بني علي دورًا ثقافيًا متقدمًا، جسّدت فيه شخصية الحفيدة التي تعبر الزمن، ناقلةً ملامح الحياة الاجتماعية في العلا قديمًا من خلال سرد معرفي مستند إلى كتاب «إلى واحة العلا»، مستعرضةً عادات الزواج، وتقاليد أهل العلا، ومواسم الزراعة والحصاد، وآليات ضبط الوقت وبدايات فصل الشتاء، في طرحٍ أعاد الاعتبار للتفاصيل الصغيرة بوصفها مفاتيح لفهم التاريخ الكبير.

واختُتمت الأمسية بأهازيج شعبية قدّمها عدد من مؤدي الفنون الشعبية في المنطقة، لترسّخ حضور الفنون الشعبية كأحد أهم روافد الهوية الوطنية، وأداة فاعلة في نقل الذاكرة الثقافية بين الأجيال.

وتندرج هذه الفعاليات ضمن جهود الهيئة الملكية لمحافظة العلا الرامية إلى تحويل العلا إلى مركز ثقافي عالمي، يعكس عمق التاريخ السعودي، ويقدّمه للعالم برؤية معاصرة تنسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.

بهذا الحضور الواعي والمتقدّم، تؤكد رند بني علي أن تمكين الجيل الجديد في المشهد الثقافي لم يعد خيارًا تجميليًا، بل ضرورة وطنية. فقدّمت نموذجًا لسفيرة لا تحمل لقبًا فحسب، بل مسؤولية ورسالة، وصنعت مشهدًا يُكتب في الذاكرة لا في الخبر فقط، لتُثبت أن التاريخ حين يُروى بوعي… يتحوّل إلى قوة ناعمة تصنع المستقبل وتُخلّد الوطن.