تجرد



بقلم :- شاهيناز سمان

ستقف بنا الأيام كثيرًا بما تنجب من مواقف وبما يصدره البشر حولنا من ردود أفعال متباينة تجاه متغيرات الحياة ،حين أصبحت غالبية العلاقات البشرية مثل البورصة صعوداً وهبوطاً ؟! فيتغير أحدهم أو البعض فجأة وبطريقة محيرة! وقد يكون السبب فقط اختلاف وجهات النظر !! وبدلًا من أن يفرز هذا الاختلاف أفكارًا إبداعية تخرج عن اعتيادية الطرح،وبدلًا من أن يوصلنا إلى آفاقًا رحبةً في الفكر وفِي أساليب الحياة ! نتفاجأ بأنه ينقلب إلى خلاف! وإلى نزاع بين المتخالفين في الرأي، كلٌّ يتخندق في خندقه ويوجه أسلحته للآخر، ويشن معارك وملاحم لا نهاية لها…إذ لا سبب لها في نفس الوقت ! ومن ثم ينقلب ذلك الاختلاف في وجهات النظر إلى خصومة ويتطور وقد يصل إلى أبعد من ذلك ! ومن أجل ماذا ؟! من أجل أن أحدهم له رأي مغاير أو ينظر للموضوع من زاوية أخرى !ناهيك عن الشخصنة التي تتبع الموقف ! وتمحيص الكلمات التي قد تكون في مجملها عفوية ، وتصيد أي هفوة، وتضخيمها حتى تصبح الحبة قبة! كل ذلك من أجل اختلاف في الفكر أواستمطار للرأي من سحبٍ فكرية أخرى والذي يسمى في المناهج العلمية والطرق الإستراتيجية بالعصف الذهني !!هل وصل الشذوذ الفكري بالبعض لعدم تقبل رأي الآخر؟ وهل استمطار الأفكار يحدث كل ذلك الغرق في بحر ولجج الخصومة والتخاصم لسنين بل لقرون ؟! هل حقًا الطبقة المثقفة لا تدرك أن الاختلاف ظاهرة صحية يجب أن تولى العناية لا أن تُفتعل لأجلها الخصومة؟ !! وهل يجب علينا أن نردد دائمًا وأثناء كل نقاش – الاختلاف لا يفسد للود قضية – ؟هل التحلي بمهارة قبول الطرف الآخر ورأيه بحاجه للمزيد من الجهد لكي تكون مقبولة وفِي موضع التنفيذ ؟! وإلى متى نظل نستنزف الوقت والجهد وكل الطاقة من أجل الترويج لفكرة ما وبسبب إصطدام الآخر بِنَا وصنع غشاوة من اللاوعي،وعدم قبول الرأي الأخر وإنصافه ؟! هل أصبح الفهم عقيمًا لهذا الحد ؟! ولدرجة تكاد تختنق فيها الأفكار والأطروحات وتفضل أن تكون قيد العقل وبعيدًا عن الطرح على مائدة المفاوضات ، نحن بحاجة للرقي والترقي في تقبل الأفكار المختلفة والأطروحات المضادة ومحاولة تجريدها من الشخصنة والتعميم الذي يكاد يزهق روحها ويميت إبداعها !! وإلى متى تستمر هذه الممارسات الخاطئة في عين العقل والنقل ؟!
هل وهل وهل….كثيرٌ من الـ( هل) تنتظر ( لأن) !