الأديب عمر علي علوان في ذاكرة التاريخ (1-2)



بقلم الاستاذ / عبد الفتاح بن أحمد الريس

  عادة ما يواجه الكاتب صعوبة ، وحيرة أحياناً ، وقتما يشرع في كتابة أي مقال يريده ، فما بالكم بمن يكتب عن شخص له في سويداء القلب محبة ومعزة لا حدود لها كما هو حالنا مع هذا المقال لا لقلة في الكلمات ولا في المعلومات وإنما لأن هذا الشخص الذي سنتحدث عنه في هذا المقام قد تشكلت شخصيته من متنوعات فكرية ووجدانية وفنية جعلت منه وبما ترسخ في ذاتيته من وئام تام قامة أدبية وثقافية ورياضية وسياحية واجتماعية ووطنية لها شفرتها وبصمتها الخاصة أينما توجهت تأتي بخير، ولنا العذر في ذلك حينما نسأل من أين نبدأ وكيف نبدأ مقالنا هذا ؟ هل نبدأهُ من تلكمُ الدار التي تزاحمت فيه مقتنياته الأثرية ولوحاته الفنية التي رسمتها أنامله وغيرها من الصور الفتوغرافية التي جسدت حقبة تاريخية وحضارات متعددة موغلة في القدم ببلدته العلا ؟ أم من تلكمُ البيوت والقصور المنحوتة بالجبال بمدائن صالح والتي تفنن وابدع في تصويرها ونشرها في مؤلفاته والتي غدت لا حقاً ضمن التراث العالمي اليونسكو. أم من جبلي الفيل وموسى بن نصير والبلدة القديمة التي تزينت بمسجد العظام الذي صلى فيه النبي صل الله عليه وسلم اثناء توجهه لغزوة تبوك والتي أعجبته فصورها وكثيراً ما يتحد عنها ويتفاخر بها . أم من تلكمُ الابتسامة التي لا تفارق مُحياه كيفما كانت أحواله وظروفه ، وحتى لا نطيل عليكم ، فإن أديبنا في هذا المقام والذي غادرنا لدار الآخرة قبل ثلاثة عشرة عاما تقريباً جعل الله مثواه الجنة هو الأخ والصديق الغالي عمر بن علي العلوان أحد أبناء العلا ومن مواليدها عام 1358هـ والذي تربى وترعرع ودرس فيها المرحلة الابتدائية حتى الصف الخامس ، وحيث لا يوجد بها صف سادس آنذاك سافر إلى المدينة النبوية لاستكمال دراسته في هذه المرحلة .عمل بوزارة الدفاع والطيران بالطائف والتي انتقلت في عام 1377هـ للعاصمة الرياض وحيث وجد فرصة سانحة للدراسة بمعهدها العلمي فقد التحق به وتحصل على شهادته عن طريق الانتساب ، وفي عام 1384هـ تم نقله للعمل بالشؤون المالية بالقوات المسلحة بأبها ، ومن ثم رُشح مديراً للمحاسبة بالقوات المسلحة بالشمالية الغربية حتى عام 1388هـ بالإضافة لقيامه بعمل سكرتيراً غير متفرغاً للنادي الوطن بتبوك أعقب ذلك ابتعاثه لجمهورية مصر العربية لدراسة السكرتارية وقيادة الأندية وبعد عودته عام 1396هـ عُين مديراً لمكتب قائد الكلية الحربية بالرياض حتى عام 1399هـ ثم مديراً لفرع وزارة الأشغال العامة والإسكان بالمدينة المنورة علاوة على شغله سكرتيراً غير متفرغاً بنادي أحد حتى تقاعده عام 1403هـ ليعود حينئذ لمسقط رأسه العلا ويُرشح رئيساً لمجلس ناديها الرياضي وادي القرى والذي تحول فيما بعد إلى نادي العلا  حتى عام 1406هـ ، وحينما شُكلت لجنة للسياحة والآثار بهذه المحافظة الغنية بآثارها ، وقد توافرت فيه الأهلية عُين رئيساً لها ، فقام بدوره خير قيام يشهد له كل من لا زمه العمل ، ولولعه الشديد وحبه للكتابة فقد سخر قلمه للكتابة في المواضيع التي يهواها في مجال الأدب والرياضة والسياحة وذلك في أكثر من صحيفة ومجلة محلية ، وتحدث عن الأثار والسياحة بالمحافظة لأكثر من مرة عبر التلفاز السعودي بالإضافة لتأليفه عدة كتب ومنها ( فرع من دوحة العلا ، ولوحات من مدائن صالح ) في أربعة  أجزاء بدءً من عام 1408هـ ونشرها على نطاق واسع ، وأهدى منها لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله وأطال في عمره نسخاً منها ، وقتما كان أميراً لمنطقة الرياض ولأصحاب السمو الملكي الأمراء عبد المجيد بن عبد العزيز يرحمه الله ، ومقرن بن عبد العزيز يحفظه الله عندما كانا أميرين على منطقة المدينة المنورة بالإضافة لسمو الأمير ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة الأسبق يرحمه الله ، وسمو الأمير سلطان بن سلمان يحفظه الله ، وقتما كان رئيساً للهيئة العامة للسياحة والأثار، وكذلك سمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير، والشيخ محمد بن جبير رئيس مجلس الشورى الأسبق يرحمه الله ومحافظ العلا الأسبق أحمد بن عبد الله السديري يحفظه الله ، وغيرهم من بعض المسئولين والأصدقاء والمفكرين والباحثين والإعلاميين ، والذين جميعهم شكروه وأثنوا عليه وثمنوا ما قام به من جهود عظيمة في هذا الاتجاه . قال عنه سمو الأمير مقرن بن عبد العزيز يحفظه الله عندما كان أميراً لمنطقة المدينة المنورة وقتما تسلم نسخ من مؤلفاته : وليس ذلك بغريب منه ، فالشيء من معدنه لا يستغرب ، فيما اعتبر الأمير عبد المجيد مؤلفاته وما تضمنته من إشارات ودلالات تاريخية بمثابة مراجع مفيدة للباحثين والمهتمين بهذه المنطقة الأثرية الخالدة من بلادنا العزيزة ، وللمقال بقية في عدد قادم بإذن الله تعالى .