مسكنات الألم تُدمر الأسنان
بقلم الدكتورة : غادة أبو القمصان
أصبح لدى مجتمعاتنا مفهوم خاطئ لمسكنات الآلام, فعندما يعانون من آلام في الأسنان, يلجؤون بدون تفكير لابتلاع أحد أنواع المسكنات لتخفيف الآلام, ولكن بلا جدوى, يهدأ الألم لساعات ثم يعود, وأحياناً يهدأ لأيام و أحياناً أخرى لسنوات, لكن مجرد أن يهدأ الألم, لا يتناسون بل ينسون أنهم منذ فترة قليله جداً كانوا يعانون بشدة من ألم يحتاج بكل تأكيد لزيارة طبيب الأسنان ومعالجة, و بالتالي بعد مرور مدة يذهب أحدهم لطبيب الأسنان بألم في نفس المنطقة وبأكثر حدّة, وإذ أن العلاج لهذا الألم اقتلاع السن أو الضرس, لأنه لا جدوى من الحفاظ عليه, فقد تهدم وتهتك تماماً, فما آلت هذه المسكنات إلا لتدمير الأسنان وفقدانها.
لذلك؛ يجب أن نعي أمراً مهماً وهو ما إن بدأ الألم يظهر, فيجب على الفرد زيارة الطبيب بطريقة مباشرة, لا يتكاسل عن ذلك اطلاقاً, حتى وان استعان بالمسكنات, لأن الألم يعني أن التسوس اخترق طبقة المينا وبدأ النخر في طبقة العاج, فطبقة المينا لا تنقل الألم للعصب فلا يشعر الانسان بالتسوس في طبقة المينا ان لم يُرى بالعين أو بفحص من طبيب الأسنان, لكن طبقة العاج هي الموصلة للألم, والجدير بأن يُعرف بأن طبقة العاج ليست دائماً موصلة للألم, وذلك في عدة حالات:
أولا: وُجد أن طبقة العاج في التشريح تتكون من قنوات أو أنابيب متراصة بجانب بعضها البعض, ففي حالة كانت هذه القنوات ضيقة, فبذلك انتقال اشارة التنبيه عبر هذه القنوات للعصب بأن هنالك عدو يداهم بيئة السن وهو التسوس, وتترجم هذه الاشارة بالألم, يكون نسبته أقل من القنوات الطبيعية او المتسعة عادةً, وهذه الحالة بقدر ما تريح الفرد بأنه لا يشعر بالألم كثيراً إلا أنها يمكن أن تجعله أن يفقد السن في عمر مبكر عن العمر الافتراضي للسن, وذلك لأنه لا يشعر بالألم ولا يشعر أن السن يتآكل ويتهدم من قبل التسوس, ومن ثم يُفاجئ في آخر الأمر أنه قد فقد السن, لأنه لا جدوى من معالجته.
ثانياً: خلق الله العصب جزء حساس جداً لأي أمر, وبه نشعر بأي احساس خارج عن الطبيعي, ولذلك خلق الله لعصب الأسنان أمراً يحميه بشكل غير مباشر عند الحاجة, لان الوصول له سهل جداً ليس كبقية أعصاب الجسم, وذلك بأنه عندما يبدأ التسوس بمداهمة طبقة العاج والاقتراب من العصب, تبدأ طبقة العاج بالتضامن مع العصب بـ رد فعل وهو تكوين طبقة أخرى من العاج وتسمى هذه الطبقة طبقة العاج التعويضي, وهذه الطبقة تكون أقل إيصالاً للألم للعصب, وأيضاً تحمي وصول التسوس بسهولة للعصب, وهذا الفعل يوجد لدى الجميع لكن تختلف من فرد لآخر قوة وشدة هذه الآلية, فهنالك بعضاً من الأفراد لديهم رد فعل سريع وشديد مما يجعل التسوس لا يصل للعصب ولا يشعر الفرد بذلك الألم الذي يمكن أن يوحي له بضرورة ذهابه لطبيب الأسنان, ومن ثم يتآكل السن ويتهدم, و يُفاجئ في آخر الأمر أنه قد فقد السن, لأنه لا جدوى من معالجته.
فلذلك, مجرد أن يشعر الفرد منا بألم مهما كان بسيطاً, يجب عليه اللجوء الفوري لطبيب الأسنان, وليس اللجوء للمسكنات, فالمسكنات ما هي إلا حلول مؤقتة للألم, لكن لن يزول الألم إلا بإزالة أحد الأطراف المسببة, والأطراف المسببة للألم ثلاثة ( التسوس, العصب, اللثة) فإما أن نمسك بزمام الأمور منذ بادئ الأمر ونقوم بإزالة الأمر الدخيل والسبب الرئيسي وهو التسوس, وإما أن نترك التسوس ليتلف العصب, ونضطر حينها لإزالة التسوس والعصب للحفاظ على السن في مكانه ونستكمل بقية خطوات المعالجة في حين كان بالإمكان الاحتفاظ بالسن, واموه بأن العصب ليس مُسبب رئيسي وإنما أصبح مُسبباً بعد هجوم التسوس عليه وإتلافه, وإما أخيراً نضطر لإزالة السن وليس اللثة بكل تأكيد, وذلك لأن لا جدوى من معالجته وان بقي فسوف يبدأ بتجمع البكتيريا وبقايا الأطعمة, وبذلك تتفاقم التهابات باللثة المحيطة بالسن , فيبدأ الفرد بالشعور بالألم وكأن الألم يصدر من السن ذاته ولكن الألم يصدر من اللثة المحيطة بالسن, ويكون علاجه باقتلاع السن, لإزالة الألم.
ونهاية, يجب أن يعلم كل فرد من أفراد هذا العالم, أن الله عز وجل سيسأل كل إنسان عن جسده فيما أبلاه, أي بما انهكه؟ و صحة الفم والأسنان من هذا الجسد, فلقد أنعم الله على الإنسان بالصحة الجيدة وأمر بشكر النعمة, ومن شكر النعم الحفاظ عليها, والحفاظ عليها يكون بالسعي قدر الامكان لتكون الصحة بأفضل ما يكون وليس بأقل شعور بالألم, وأصبحنا في زمن ليس على الانسان حجة بالجهل, فالتقدم العلمي والتكنلوجي أصبح يُسهل على الانسان الوصول لكل المعلومات دون أي تغلب, وبذلك يجب على كل فرد أن يهتم بصحة أسنانه, ويعير الانتباه للآلام البسيطة, وأن ينتبه ويعي أن المسكنات ماهي إلا مساعد للعلاج وليس علاج متكامل, بل إن استمر الانسان على استخدامها بمبدأ أنها العلاج فهي تدمر لا تعالج.