رفض عربي لـ «صفقة القرن» الأمريكية



أقر وزراء خارجية الدول العربية، أمس، قراراً يرفض بالإجماع الخطة الأمريكية المعروفة إعلامياً باسم «صفقة القرن»، بحسب ما أكد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط.

وجاء القرار إثر اجتماع وزراء الخارجية العرب العاجل في القاهرة، الذي دعا إليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال أبو الغيط في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة: «إن قرار رفض الخطة الأمريكية جاء بالإجماع، وبالتالي صادر عن موافقة كاملة من الجميع».

وفي قرار اعتمد بالإجماع، إثر اجتماع طارئ عقد على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة، أعلنت الجامعة العربية «رفض صفقة القرن الأمريكية-الإسرائيلية باعتبار أنها لا تلبي الحد الأدنى من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني وتخالف مرجعيات عملية السلام المستندة إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة».

التنفيذ بالقوة

وحذرت الجامعة العربية من «قيام إسرائيل، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، بتنفيذ بنود الصفقة بالقوة متجاهلة الشرعية الدولية وتحميل الولايات المتحدة وإسرائيل المسؤولية الكاملة عن هذه السياسة».

وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط «من حقنا (كعرب) أيضاً أن نقبل أو نرفض.. وإلا كان المقترح الأمريكي – في حقيقته وجوهره – يمثل إملاءاتٍ أو عرضاً لا يُمكن رفضه أو حتى مناقشته».

وفي المؤتمر نفسه، أشاد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، بالقرار العربي، واصفاً إياه بـ«الشامل والكامل ويغطي الجوانب التي يحتاج إليها الفلسطينيون». وأضاف إن القرار العربي يؤسس لتحرك دبلوماسي فلسطيني أوسع نطاقاً في منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي لرفض الصفقة الأمريكية.

وقال إن الرئيس عباس سيتحدث أمام مجلس الأمن الدولي في 11 فبراير الجاري بشأن خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

وينص القرار العربي على رفض صفقة القرن، لكونها لا تلبي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني. ويشير إلى أن الصفقة تخالف مرجعيات عملية السلام المستندة إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مع دعوة الإدارة الأمريكية إلى الالتزام بالمرجعيات الدولية لعملية السلام.

صفقة مجحفة

وينص القرار أيضاً على عدم التعاطي مع هذه الصفقة المجحفة، أو التعاون مع الإدارة الأمريكية في تنفيذها. وأكد أن مبادرة السلام العربية، كما أقرت عام 2002، هي الحد الأدنى المقبول عربياً لتحقيق السلام، من خلال إنهاء الاحتلال لكامل الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967، وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

وشدد على أهمية العمل مع القوى الدولية المؤثرة والمحبة للسلام، لاتخاذ الإجراءات المناسبة إزاء أي خطة من شأنها أن تجحف بحقوق الشعب الفلسطيني ومرجعيات عملية السلام.

قطع العلاقات

ومدعوماً بإجماع عربي على رفض الصفقة، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قطع «أية علاقة بما فيها الأمنية» مع إسرائيل والولايات المتحدة، مؤكداً تحرّره من التزاماته بموجب اتفاقات أوسلو.

وفي كلمة ألقاها عباس أمام الوزراء، قال إنه يطالب إسرائيل من الآن فصاعداً بتحمل «مسؤوليتها كقوة احتلال» للأراضي الفلسطينية.

وقال إنه تم تسليم رسالتين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وإلى الإدارة الأمريكية، موضحاً أنهما شبه متطابقتين.

وتلا نص الرسالة التي أرسلت إلى إسرائيل: «نبلغكم هنا أنه لن تكون هناك أية علاقة معكم ومع الولايات المتحدة الأمريكية بما في ذلك العلاقات الأمنية، في ضوء تنكركم للاتفاقات الموقعة والشرعية الدولية… وعليكم أيها الإسرائيليون أن تتحملوا هذه المسؤولية كقوة احتلال».

هدية أوسلو

وقال عباس إنه أبلغ نتانياهو إن الخطة الأمريكية تمثل «نقضاً لاتفاقات» أوسلو الموقعة عام 1993. وأضاف ساخراً إنه بناء على ذلك قرر أن يعيد إلى إسرائيل «الهدية التي سلمتنا إياها في أوسلو.. مسؤولية الأكل والشرب… والأمن… أنا ما عندي علاقة» من الآن فصاعداً بذلك.

وأوضح عباس أنه كان قطع الاتصالات مع إدارة دونالد ترامب بعد اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل أواخر عام 2017 إلا أنه أبقى في ذلك الوقت «على العلاقات مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي أي ايه)» كونها تتعلق بالتعاون في «مكافحة الإرهاب».

واستعرض عباس مطولاً بنود صفقة القرن التي أكد أنها تناقض كذلك قرارات الشرعية الدولية. وأشار إلى أنها تقضي بأن تكون «القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل.. وبتقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى» وبأن تكون هناك «عاصمة للدولة الفلسطينية في أبو ديس» المجاورة للقدس.

ضم 30 %

كما تقضي الخطة، بحسب عباس، «بضم 30% من الضفة الغربية» إلى إسرائيل و«بضم القرى العربية في المثلث التي يقطنها 250 ألف عربي في إسرائيل إلى الدولة الفلسطينية» تعويضاً عن أراضي المستوطنات.

وأشار إلى أن الخطة تقضي بأن «تبدأ إسرائيل في تنفيذها على الفور أي أنه سيبدأ بضم المستوطنات، أما نحن فلن نطبقها إلا بعد 4 سنوات عندما نثبت حسن النوايا».

القضية المركزية

وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله أن القضية الفلسطينية كانت ولا زالت القضية المركزية للعرب والمسلمين، والقضية الأولى للمملكة، وتأتي على رأس أولويات سياستها الخارجية. وأوضح في كلمته أن المملكة لم تتوان أو تتأخر في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق بكافة الطرق والوسائل لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.

وجدد وزير الخارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة التأكيد على موقف المملكة الثابت والراسخ من القضية الفلسطينية ودعمها الجهود الهادفة للتوصل إلى حل عادل وشامل لهذه القضية، يؤدي لاستعادة كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.

وأعرب عن تقدير البحرين لخطة ترامب وتطلعها بأن يتم النظر إليها ودراسة إيجابياتها ومتطلبات استكمالها، والعمل على بدء مفاوضات مباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، للتوصل لاتفاق يلبي تطلعاتنا جميعا للسلام الشامل والعادل والدائم، ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قال إن محددات التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية تتمثل في الشرعية الدولية ومقرراتها، ومبادرة السلام العربية لعام 2002. وقال شكري خلال الجلسة: «تتطلب منا التطورات الهامة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، أن نعيد التأكيد بشكل واضح على مواقفنا بشأن تلك القضية المحورية بالنسبة لعالمنا العربي.