تخدير الأسنان بدون ألم



بقلم :- الدكتوره غادة أبو القمصان

اعتدنا في مجتمعنا على أن عيادة الأسنان مرتبطة بإحدى الأمرين, إما الألم وإما الرهبة من إبرة التخدير, ونجد أن الرهبة من إبرة التخدير هو الأكثر شيوعاً , ونما هذا الشعور لدى الكبار قبل الأطفال, مما جعل الكثير من أطباءالأسنان أن يتعلموا أساليب جديدة ومنهم من يبتكرها, في طُرق التعامل مع مايواجههم في العيادات, من خوف المرضى مهما كانت أعمارهم ولا سيماالأطفال, ولكن نجد في المقابل أن العديد ممن يخافون إبرة تخدير الأسنان, لايمانعون من خوض تجربة الإبرة بحد ذاتها لكن بنمط آخر مثل عمليات التجميلبأشكالها, وهنا يستوقفنا الأمر بأن ما العلة التي تجعل الإنسان يخاف منشيء بعينه أكثر من آخر رغم التشابه العميق في الأمر؟ وبمعنى آخر كيفيكون ذات الشيء أقل رهبة باختلاف الأماكن؟ هل لاختلاف مسمى الاستخدام دوراً؟ أم ماذا ؟

بداية: جميعنا لايطبق الشعور بالألم, ولنفسر معنى وخزة الإبرة حين وضعها, فهي نوع من الألم البسيط, وهي أيضاً مثلها مثل لو أن الإنسان أصيب بقدمه بجرح بسبب شظية زجاج صغيرة لايذكر حجمها, تائهة على الأرض, وهذا لايسمى بذلك جرحا, بل وخزة, لكن رغم ذلك يوجد الألم, فالخوف الأعظم يكمن في الشعور بالألم وليس من الإبرة ذاتها, فلو نظرنا للموضوع من وجهة نظرأخرى لوجدنا أن البعض يطلب المعالجة دون الخضوع لإبرة البنج, ولكن عندالشعور بالألم يستسلم لألم وخزة الإبرة مقابل ألم المعالجة, وهنا نبدأ التوضيحلكيفية التخدير بدون ألم, لكن يجب أن نعي أمراً, أن ذلك سوف يستغرق وقتاً, وهذا الوقت سيعتمد على الفرد وقوة إيمانه؛ بأنه يستطيع أن يفعل ما يريد وقتمايريد,
أولاً: يجب أن نؤمن بقانون طاقة العقل الباطن, أن ما تؤمن به داخلك, فأنتتخضع له دون أدنى مقاومة منك, بمعنى نحن من يخلق هذه المخاوف فيعقولنا وعقول أبناءنا ولا تنشئ هي من ذاتها من العدم, ولتقريب الفكرةالمطروحة,  سأمثلها على الأم لأنها أقرب ما يكون للفرد, فأحد الأمهات كانت فيبداية انجابها, لا تخاف من أمر ما, ولكن بعد مرورها بأمر جعلها تكتسب فكرةسيئة حول هذا الأمر فبدأت بعدها بتكوين فكرة الخوف داخلها دون أن تشعر, فنجد أن مواليدها الذين أنجبتهم بعد تلك الحادثة أصبحوا مثلها يهابون ماتهابه, ومن هم قبل هذه الحادثة لا يهابونه, الفكرة هي أن الطفل يتبع أمه (ومن هم حوله من أب وأخوة وغيرهم) منذ طفولته, فما يفعل أمامه وعلى مسامعه يسجله الطفل في عقله الباطن لحين استخدامه, وعندما يحين وقت استخدام هذه الفكرة نجد أنه يماثل أمه أو أحد ما كان لديه هذا السلوك, وكان في فترة من فترات طفولته قريب منه, فالطفل يستمد شخصيته وأفكاره ممن هم حوله ولاسيما أمه, وهذا لا يقتصر على الأفكار التي تتكون منذ الطفولة ممن هم حوله فقط, فالمصادر كثيرة يصعب حصرها, فهنالك من يتخذ موقفاً من أمراً مالمشاهدة مقطع فيديو أو مقطع من فيلم أو أنه حدث أمام أم عينيه, ولم يخضع للتجربة بعد, فيبدأ العقل بنسج أفكار غريبة وليدة اللحظة وما بعد تلك اللحظة , ليس لها في الوجود شيء, ولكنها نتجت بسبب ردود أفعال من شاهدهم, فنسج له في الخيال أنه سيحدث معه ما حدث لهم دون أن يشعر, وحينالخضوع لذات الأمر, تبدأ ردة فعل الشخص تلقائية دون أدنى شعور أو تفكير, كمن شاهدهم من قبل

ثانياً إن آمنا بقانون طاقة العقل الباطن, سنؤمن أنه يمكننا تغيير أفكارنا لمانريد, وكيفما نريد, وان كان إيماننا بقدرتنا عالي كانت النتائج أسرع, فلكل من يخاف إبرة التخدير من الراشدين عليه أن يتبع التالي لكي لا يشعر بألمهاوسيجد النتيجة, ولكن يمكن أن تختلف من فرد لآخر, بقدر قوة إيمانه بنفسه, فعليه أن يكرر في نفسه وفي فكره في لحظة السكون وخاصة قبل النوم أنه لايهاب إبرة التخدير, وأنها مجرد وخزة بسيطة ولحظيه, وبعد ذلك يختفي ألمالوخزة وأي ألم آخر, ويتيح لنفسه أن ينسج الخيال بأنه في عيادة الأسنان وكيفية رد فعله ستكون عند استخدام الإبرة, ويكرر ذلك في عقله ويستشعراللحظة وسيجد أنه فقد هذا الخوف, ولو فقد الخوف لن يؤثر عليه وخز الإبرةوإن كان يصاحبها ألم بسيط.
ثالثاً: من لديهـ/ـا طفل يهاب إبرة التخدير وطبيب الاسنان, أوصي بل وأحذر منأمر شاع في المجتمع, وله تأثير عالي على نفسية الطفل ويكبر بها, وهي مهماارتكب الطفل من أخطاء مهما كبرت أو صغرت, إياكم أن يهدد بالإبرة, فقدلوحظ أن الكثير من المجتمع ما إن أخطأ الطفل, إلا وألحقوه بالتهديد بالإبرة, فأصبحت الرهبة من الإبرة لدى الطفال مضاعفة جداً عن الرهبة الطبيعية التي يمكن السيطرة عليها, وهنا تأتي معاناة الآباء والأمهات ممزوجة بمعاناةالأطباء, في السيطرة على الطفل على كرسي الأسنان والمعالجة, رغم أنه يمكنأن لا يحدث أياً من هذه الانفعالات للطفل إذا قاموا الآباء والأمهات بتحويرفكرة الخوف والرهبة من الإبر وطبيب الأسنان, لفكرة ودية وفكرة تكن محببةلقلب الطفل, فلنبدل بعض العبارات بعبارات أخرى مثل عبارة ( اجلس لا أوديكالدكتور يديك ابره ) هي خاطئة, الأفضل ( اجلس عشان اوديك الدكتور, عشانلمن تكبر تصير دكتور) أو ( لو سويت الواجب صح اليوم بخلي الدكتور يعلمك كيف تفحص أسناني) أو غيرها من الجمل التي تلعب دور التشجيع الروحيوالنفسي لدى الطفل, وكل طفل وله مفتاحه الخاص الذي يعلمه والديه, فأبدلواعبارات الترهيب بعبارات تشجيع, واعلموا أن التغيير لا يأتي مع الأطفال سوىبعد أن تخضع الأم أو يخضع الأب لنفس الخطوات أمام عينيه دون أيّ ألم أومعاناة, هنا الطفل سوف تتبدل أحواله, ولا يقتصر الأمر فقط على مشاهدة أمه وأبيه بل وأيضاً على العبارات التي تلعب دوراً في نفس الطفل.

نهاية: قد أُوجدت بعض التقنيات التي تستخدم للتخدير بدون ألم, ولكن ليست بمتناول جميع المراكز الطبية, وان انتظرنا العلم يتقدم ونحن نقف في سبات في أماكننا, لا يجب علينا أن نلوم ونعتب على العلم, فمضمون الحل بين أيديناوننتظر حلول خارجية, ليست تحت سيطرتنا, فكل منا طبيب نفسه قبل أن يكون له طبيب معالج.