استمرار الاشتباكات العنيفة بين المسلمين والهندوس في دلهي وسقوط 23 قتيلا
لا تزال مدينة دلهي الهندية في حالة تأهب بعد الليلة الثالثة على التوالي من حدوث أعمال الشغب، وتقارير عناستهداف منازل ومتاجر لمسلمين على يد مثيري شغب.
وأسفرت أعمال العنف، التي لم تشهد مثلها العاصمة الهندية منذ عقود، عن مقتل 23 شخصا حتى الآن.
واندلعت الاشتباكات أول مرة يوم الأحد بين متظاهرين مؤيدين وآخرين معارضين لقانون الجنسية المثير للجدل.
لكن الأحداث جنحت نحو الطائفية، إذ أشارت تقارير إلى تعرض العديد من المسلمين لاعتداءات.
وأبرزت الصور ومقاطع الفيديو والحسابات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي صورة مخيفة خلال الأيام الماضية، معظمها لمثيري شغب هندوس يضربون بالهراوات والقضبان الحديدية والأحجار رجالا غير مسلحين، وصحفيين، ومجموعات من الرجال تجوب الشوارع،وحدوث مواجهات بين هندوس ومسلمين.
وفُرض حظر شديد على دخول هذه المناطق يوم الثلاثاء، عندما وقعت معظم أعمال العنف، ووفقا للأسماء المعلن عنها حتى الآن، سقط عددمن المسلمين والهندوس قتلى وجرحى.
وقالت محكمة دلهي العليا، التي تبت في التماسات مقدمة بشأن أعمال العنف ، إنها لا يمكن أن تسمح بـ “أحداث 1984 أخرى“، ففي عام1984، قُتل ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص من طائفة السيخ في أعمال شغب استهدفتهم في المدينة.
ونشر رئيس الوزراء ناريندرا مودي تغريدة يوم الأربعاء، بعد ثلاثة أيام من اندلاع العنف، دعا فيها إلى السلام، وأضاف أنه استعرضالوضع، مشيرا إلى أن الشرطة تعمل على استعادة الحياة الطبيعية.
ودعت زعيمة المعارضة، سونيا غاندي، إلى استقالة وزير الداخلية، أميت شاه، وقالت إنه “مسؤول” عن أعمال العنف.
ووصف حاكم دلهي، أرفيند كيجريوال، الوضع بأنه “مثير للقلق” وطالب باستدعاء الجيش.
وتركزت الاضطرابات في الأحياء ذات الغالبية المسلمة، مثل موجبور، مصطفى آباد، جفراباد وشيف فيهار، الواقعة في شمال شرقي دلهي.
وشوهدت الشوارع في هذه المناطق ممتلئة بالحجارة والزجاج المهشم، والمركبات المحطمة والمحترقة، ورائحة الدخان المنبعثة من الأبنية المشتعلة.
ماذا يحدث الآن؟
لا تزال النار مشتعلة في المدينة، في الوقت الذي لم يشهد يوم الأربعاء إبلاغا عن وقوع اشتباكات جديدة.
وبحسب صحيفة بي بي سي فالسكان المسلمين في حي مصطفى آباد وهم يغادرون منازلهم يحملون الحقائب ويحزّمون ممتلكاتهم، خوفا من وقوع المزيد من الاشتباكات.
وأسفرت أعمال العنف عن إصابة نحو 189 شخصا، وفقا لمسؤولين في مستشفى “جورو تيغ بهادور” التي نُقل إليها الكثير من المصابين الذين يعانون من أنواع الإصابات، بما في ذلك جروح بسبب طلقات رصاص ويهرولون من أجل تلقي العلاج.
وأضافوا أن المستشفى بدا “مزدحما جدا“، وكان العديد من المصابين “يخشون بشدة العودة إلى منازلهم“.
وغرّد كثيرون، بمن فيهم صحفيون، وتحدثوا عن مطالبة مثيري الشغب بمعرفة دينهم، وقال مصور صحفي إنه طُلب منه خلع سرواله لإثباتهويته، وحدث نفس الشيء أيضا أثناء أعمال شغب ذات طابع ديني في الماضي للتعرف على المسلمين بالختان عادة.
لماذا تحولت الاحتجاجات بسرعة إلى أعمال عنف دامية ؟
يبدو أن أعمال الشغب بدأت بتهديد أصدره كابيل ميشرا، زعيم في حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم، ضد المتظاهرين المعارضين لقانونالجنسية.
وقاد ميشرا مسيرة يوم الأحد في جفراباد، وطالب الناس في تغريدة، بالتجمع في المنطقة، كما أخبر شرطة دلهي أن أمامها ثلاثة أياملتطهير مواقع الاحتجاج وحذر من العواقب إذا فشلوا في ذلك.
وظهرت في وقت لاحق من هذا اليوم أولى التقارير عن وقوع اشتباكات.
ويمنح قانون تعديل الجنسية العفو عن مهاجرين مخالفين للقانون من غير المسلمين القادمين من بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة.
ويقول معارضون إن القانون مناهض للمسلمين، بينما تنفي الحكومة وتقول إنها تمنح الجنسية للأقليات المضطهدة فقط.
بيد أن القانون أثار احتجاجات واسعة النطاق، بما في ذلك احتجاجات بقيادة مسلمات، أصبحت بعضها، مثل تلك في منطقة شاهين باغفي دلهي، هدفا لانتقاد اليمين المتشدد.
ويواجه نحو ثلاثة من قادة حزب “بهاراتيا جاناتا“، من بينهم ميشرا، تهمة التحريض على العنف من خلال بث خطاب يؤجج الكراهية.
ماذا تفعل السلطات؟
تكثف الشرطة من وجودها في المناطق المتضررة، كما نشرت السلطات قوات شبه عسكرية في مسعى للحفاظ على السلام.
وقال مستشار الأمن القومي، أجيت دوفال، لقناة “إن دي تي في” الإخبارية: “توجد قوات كافية على الأرض ولا داعي للخوف“، وطلب منأهالي دلهي أن يثقوا بـ “الرجل الذي يرتدي زيا رسميا“.
يأتي تصريح دوفال ردا على تقارير أفادت بأن الشرطة لم تبذل جهودا كافية لمساعدة مَن يتعرضون للهجوم.
وأُغلقت المناطق المتضررة التي تقع على مقربة من لوني، التي تشترك فيها دلهي مع ولاية أوتار براديش، كما أغلقت المدارس في المنطقة،وتأجلت امتحانات نهاية العام.
كما وُجه اتهام لشرطة دلهي بأنها تعاني من نقص في الاستعدادات وفي عدد أفرادها.
وأُصيب ما يزيد عن 50 من رجال الشرطة، وقُتل شرطي واحد على الأقل، يدعى راتان لال.
وقال المتحدث باسم الشرطة، إم إس راندهاوا، خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء إن الوضع تحت السيطرة، مع نشر “عدد كاف من رجالالشرطة“، كما نُشرت قوات شبه عسكرية.
ورأس وزير الداخلية، أميت شاه، المسؤول عن شرطة المدينة، اجتماعا مع مسؤولين ورجال شرطة مساء الثلاثاء.
ويوصف توقيت الاضطرابات بالحرج بالنسبة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي استقبل مؤخرا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أولزيارة رسمية له إلى الهند.
وطغت أنباء تفاقم أعمال العنف على زيارة ترامب، وتصدرت العناوين الرئيسية في الصحف الوطنية والعالمية.