سِرْ قُدمًا و لا تلتفتْ
بقلم: نسيبه علاوي
قرأتُ ذات مرّة مقالاً جميلاً عن الناجح مجتمعيًا و مهنيًا..الراسب عائليًا في عيون أقاربه -مهما علا شأنه – لأنهم كانوا شاهدين على طفولته و مصاحبين لشبابه و ما بهما من عثرات و مواقف و نعوت ظلَّت تُلازمه طوال حياته رغم ما اعترىٰ شخصيته من تغيير و تبدل ، و ما حقق من نجاح و رفعة .
حقيقةً..كلنا مررنا خلال مسيرة حياتنا -من الصفر و وصولاً إلىٰ نجاحاتنا-بعقبات و محن كان الأقربون منّا مسؤولين عنها بالدرجة الأولىٰ..حطمتنا و كسرتنا ،و احتجنا زمنًا طويلاً لشفائنا منها و تلملمنا .. و إن كنَّا لا نُنكرُ فضلها -تلك العقبات و المحن- في جعلنا ما نحن عليه اليوم من صلابة ..و نجاح ..و تميز.
ثمَّة مثل يُطَّل علينا رغمًا عنَّا في هذه المواقف “الأقارب عقارب” و ليس الجميع ،فالتعميم هنا لغة الجاهل ..ولكننا نُقرُّ أنَّ تصرفًا سيئاً كان في الماضي -في الطفولة أو المراهقة- من قريبٍ ما قد هزَّنا و حفر فينا ما حفر من ندوب ما زلنا نتلمس آثارها بين حزنٍ و آخر ..لنفهم لاحقًا أنَّ القريب -خصوصًا- لا يسرُّه ما قد وصلنا له من علو..فتجده لا يترك فرصة للنيل -همزًا و لمزًا و فعلًا – من نجاحاتنا و ثقتنا في أنفسنا و كأنه قد كُتب علينا أنْ نظل أسرىٰ لصورةٍ نمطيةٍ أُخذت عنَّا علىٰ حين جهل أو صِغَرْ، و ندرك مع مرور الزمن أنَّ هذا القريب أو حتى الرفيق -رفيق الطفولة السيء المثبِّط- يفتقد إلى هذا النجاح فيستكثره علينا حقدًا أو حسدًا ، ويُفضّل أن يرانا فاشلين أو أقل منه حتى يُرضي نفسه المريضة و يُطمئنها أنه و نحن في الفشل سواء.. فلا يطيب له عيش حتى يرى أقاربه في مثل وضعه التعيس أو أقل منه إنْ رزقه الله فضلًا و علوًا ..ناسيًا أو متناسيًا أنَّ هذا رزق من الله يهبه من يشاء ، و أنّ رفعتنا و نجاحنا نجاحًا له و رفعة أيضًا .
و إنِّي لأهمس في أذن كل ناجح :عليك بنفسك و نجاحك ،سِرْ قُدمًا و لا تلتفت ،و اعلم أنَّ في صبرك على قريبٍ تُحسنُ له و يُسيء إليك الأجر العظيم.