أرجوحة وتأمل..



بقلم | أفراح مؤذنة

في كلِّ مرةٍ أبادرُ باللعبِ على أرجوحةِ الأطفال،،
أبدأ بنفسٍ عميق..
أعدلُ جلستي..
أتأمل فيمن حولي..
ابتسمُ فأهم بالانطلاق،،
ادفعُ بقدمي حتي تأخذ الأرجوحة أعلى مكان عن مستوى الأرض .

تبدأُ مرحلة التأمل،
كلما حلقتُ عاليا
تتملكني التناهيد وبعض دموع وحينـًا ضحكات،،
ولا أعلمُ سرها؟
اتساءل..
هل التأمل مرتبطٌ بمدِ بصري للأعلى ؟
أم هو لج الفكر والبصيرة الممتدة؟

إن سلسلة التأمل لا تأتي إلا من ارجوحة الحياة المعقودة بالتجارب والمواقف والخبرات والأحداث..
والبعض بصيرة من الله عز وجل رغم صغر السن.
فالتأمل ليس له زمن ولا مكان،،
كل ما يحتاجه المتأمل، أدراك لما حولنا من نعم وفضل.
لذلك عاهد نفسك دومـًا باللعب على أرجوحة الأطفال،،
اعقد شرط معها،،
احمل على متن هذه الأرجوحة بعض استراتيجيات مناسبة لما تشعر به ولمستوى فكرك .

قد تحتاج إلى استراتيجية التخلية ثم التحلية مع كلِّ صعودٍ ونزول.،،
وأنت على أرجوحةِ الحياة
هناك أمورٌ تتخلى عنها بقناعةٍ و أمور تمتلئ بها بقناعة ايضـًا .

قد تأخذنا غيرةُ الاطفالِ بقوةِ الدفع ولكن سرعان ما نشعرُ بالفتور، كون ما اجهدنا به صحتنا كان لا قيمة له ولا جدوى منه سوى أنه استنزف قدراً هائلاً من الطاقة، ثمَّ سرعان ما نتخلى عنه .

إنَّ للانسجام مع لعبة الارجوحة واستراتيجية التخلية ثم التحلية شعور بالألفة في كلِّ عمليةِ هبوطٍ وصعود..
ودليلٌ على أن هناك مشاعر فياضة في المستقبل
وأن الشغف في الصعود عامل محفز نحو التأمل والتيقظ والإدراك والمسؤولية .

بين الأرجوحة والتأمل علاقة طردية فكلما كان التأرجح عاليـًا كلما كان التأمل أعلى .
هل فكرت لماذا تتمنى أن تفرد ذراعيك وأنت تتأرجح ؟!
لماذا تخاف أن تترك حبال الأرجوحة رغم ميلك بقوة لذلك ؟!
الشعورُ بالخوفِ من السقوط أمرٌ طبيعي، لأن النفس تخاف السقوط بطبيعتها..
التفرد بأن تعيش لحظة دون توقف أمر يحتاج إلى قرار ومسؤولية .

فمن جماليات التأمل أن تسكب المتعة وطرائف الحكمة بقوالبه لتشعر بجمال ما حولك حتى لا تصبح حاد الفكر .
يقول أمير المؤمنين رضي الله عنه ( إن القلوب تمل فابتغوا لها طرائف الحكمة )

لا تفقد السيطرة وأنت بين الأرجوحة والتأمل فالمسافة بين الهبوط والصعود كفيلة بأن تحدد مصيرك كذلك التأمل كفيل بأن يحدد من أنت وماذا تريد وأين تريد ؟

إذا جمعت كل ما تأملته ودونته ثم عملت على تصفيته من السلبيات ثم بدأت العمل عليه ليكون محاك لواقع متغلب على مخاوفك مستشرف لطموحاتك .

لابأس بالمفاوضة مالم نحصل على نسبة نستعذب فيها لعبة الأرجوحة ونسبة تحقق متعة التأمل فالتدريب للعقل مطلب , كالطفل تماما حين يتم تدريبه على لعبة الأرجوحة الى أن يصبح متزن وهادئ .

كل ما نبحثُ عنه ليس بعيداً كما أنه ليس بقريب،،
لكن التدريب على التأمل يقرب البعيد ويبعد القريب طالما اليقين بالله عز وجل كبير .

اجعل الاهتزاز الميكانيكي أمام عينيك وأنت بطريقك نحو تحقيق ما تتأمله فمن غير الممكن أن تكون دائما بنفس المسار ولا حتى بنفس الأدوات والمهارات والثبات امنح نفسك خط للعودة والإستشارة والإستفسار، فمن المستحيل أن تكون دائما عالمـًا بكل مجال ..

إن العقل في التأمل يكون بين التذبذب والتردد في رسم الطريق لذا من الأفضل أن تضع القواعد الأساسية والصحيحة في مسارك حتى لا يكلف الكثير من الجهد عند العودة