البعد الإقتصادي لفيروس كورونا ؟!
بقلم / فوزي محمد الاحمدي
المرض مثل الموت يصيب الجميع بدون إستثناء ولا يفرق بين غني أو فقير ولا وزير أو غفير , وهكذا الحال مع جميع الأمراض الفتاكة التي عانت منها البشرية عبر التاريخ , في الماضي كانت الخطورة تكمن في الملايين من الأرواح التي كانت تحصدها الأمراض المعدية , الطاعون حصد حوالي ثلث سكان اوروبا في القرون الوسطى (الموت الأسود) وبالتالي كانت التداعيات كبيرة جدا من فقدان للأيدي العاملة وتوقف عجلة الأنتاج وإنتشار المجاعات . في العصر الحديث ظهرت العديد من الأمراض المعدية والقاتلة ولكن عدد الضحايا كان أقل من ذلك بكثير , ولكن تداعياتها كانـت أكثر خطورة من الأمراض التي كانت تنتشر في الماضي . العالم اليوم لم يعد كما كان في الماضي عبارة عن جزر منعزلة وتعمل بشكل منفصل , بل تحول الى قرية صغيرة وما يحدث في أي مكان منه سوف يكتوي بناره الجميع وبدون استثناء .
لعل (الإقتصاد) العالمي هو المتضرر الأكبر من إنتشار فيروس كورونا . حيث يلاحظ الجميع الهبوط الحاد في أسواق الأسهم العالمية (البورصات) حيث فقدت من قيمتها السوقية ما يقرب من (6)تريليون دولار , وكورونا يطيح بثروات أغنى (500) شخص في العالم حيث خسروا ما يقرب من (444) مليار من الدولارات من مدخراتهم , وأن 80% منهم قد أصبحوا الآن على وشك الإنهيار المالي (المنطقة الحمراء) ! المعادن وبالذات البترول شهدت اسعارها تراجعا كبيرا لم تشهده منذ سنوات , أما قطاع السياحة فسوف يكون الخاسر الأكبر وسوف يصاب بالشلل التام في حال إستمر أنتشار فيروس كورونا في العالم دون إكتشاف أي علاج له .
ايضا سوف يكون له تأثير كبيرعلى الصادرات غير النفطية (التجارة ) . على كل يتساءل البعض هل ما يحصل في الأسواق المالية من هبوط شديد هل هو بداية الكساد والإنهيار الكبير ! أم هو مجرد تصحيح ؟! ولكن الشيء الأكيد أن اقتصاديات جميع الدول في العالم سوف تشهد نوع من التباطؤ في النمو ، تقول صحيفة ال (فايننشال تايمز ) : كورونا إنتشر في زمن صعب إذ أن الإقتصاد العالمي يعاني أصلا ، عكس ما كان عليه الحال أيام إنفلونزا الخنازير . على كل من المفترض أن يوحد المرض العالم لأنه لا أحد بمأمن من تداعياته , وكما أنشأت معظم الدول في العالم العديد من الإدارات لمكافحة القرصنة الإلكترونية (الأمن السيبراني) , أعتقد بأنه قد حان الأوان لإستحداث إدارات معنية بمكافحة الأمراض البيولوجية (حروب المستقبل) , وهذا بدوره يتطلب تطوير القطاع الصحي (البنية التحتية) حتى يكون قادرا على مواجهة التحديات التي سوف يواجهها في المستقبل , شركات الأدوية العالمية سوف تكون هي الرابح الأكبر من خلال المتاجرة بآلام البشرية (الأدوية) .