حتماً ليست النهاية



بقلم : نسيبه علاوي
اختلط الوهم بالواقع و الحلم بالحقيقة، المعامل البيولوجيةالفتَّاكة..الزومبي-الأموات الأحياء-محاجر العزل المخيفة.. مشاهد كنَّا نراها في أفلام الأكشن و الرعب و الخيال العلمي ألهبت خيالنا إلىٰ أقصىٰ الحدود،أصبحنا نراها في واقعنا مطبَّقة بالحذافير، حروب و أمراض و أوبئة مفتوحة المصراعين على كل الإحتمالات و التوقعات، أصواتٌ تصرخ من كل الأديان و المعتقدات:إنها نهاية العالم! “إنَّ الله عنده علم الساعة ”
مرَّ على البشرية -خصوصًا في الثلاثة قرون الأخيرة- أوبئة فتاكة.. طاعون و كوليرا و انفلونزا حصدت أرواح مئات الآلاف من البشر ، و مرَّت حروب عالمية أزهقت فيها ملايين الأرواح و بلغت الدماء و الجثث للركب ،و انتهى كلُّ ذلك بآلامه و آماله فما أحدث ضجة و توقعات كما أحدثه كورونا هذا القرن ! هل هي الأخبار و مواقع التواصل و الإتصال ؟ أم هو العالم الذي تقازم بعد أن كان شاسعًا لا يدري غربه عن شرقه ، و لا يتأثر بلدٌ بما يحدث بجاره ،و أصبح بفضل شبكات الإنترنت و الأقمار الصناعية قرية صغيرة لا يكاد يحدث فيها قرع طبل حتى يدوي صداه مرددًا من أدناها إلى أقصاها؟!
إنها ضريبة التقدم ..تضخمت الأخبار و تشعبت، و تأولت و تسربتْ ، و تحرفت و تسيستْ ، و صار بالإمكان جعل تافهها مهمًا و مهمها تافهًا ،و انتشر رعب الخبر و فوبيا العاجل أكثر من انتشار الحدث نفسه فعليًا على الواقع، و الطامة الكبرىٰ أنْ صار بإمكان كل بشري على هذه البسيطة أن ينشر ما شاء و أن يُعلق و يبدي الرأي و يصُّف الكلمات كما شاء ،و يُرسل ما يصله منها دون تأكد و تمحيص، فشُيِّعت الأخبار الكاذبة و الرسائل التخويفية، و عمَّ البلاء في العقول وهمًا ليس له أساس!
في اعتقادي و حسب ما شاهدت و قرأت أنَّ هذه الكورونا مرض في المقدور السيطرة عليه و الوقاية منه و الشفاء ، و لم يبلغ مرحلة الوباء المتقدم كما شهد العالم من قبل من أوبئة فتَّاكة ..و لكنَّ وباء الشائعات و التخويف و بلبلة مواقع التواصل و نشر الجهل لهو الوباءٌ الفتاك الذي لا ندري ما الخلاص منه و كيف هي النجاة؟!