خير القلوب أحنَّها
بقلم : نسيبه علاوي
رفقًا بالقلوب ..فإنَّ ما بها لا يُرىٰ..رفقًا بقلوب هي في رقتها كالزجاج إن انصدع فلن يُجبر..و إن انكسر فلن يُرمم..بهذا نادى معلم البشرية الأول ..و هو ينطق عن الله ..صانع القلوب و هو أدرىٰ بها .
منذ الأزلْ و البشرية في صراع على إنسانيتها.. هل هي متأصلة أم مكتسبة ؟ هل الأصل في الإنسان التوحش ؟ و القسوة؟! و ما الأديان و الحضارات إلا تهذيبًا له و ترقية؟ أم الأصل في الإنسان الإنسانية و الرحمة ..و الأديان صقلٌ لما بها و تنقية؟! هل أنَّ أرواحنا سوداء تتقمص بياضها من التعاليم الدينية و من الإعجاب بالخير و محاولة محاكاته؟!
“ما كان الرفق في شيء إلا زانه و مانُزع من شيء إلا شانه” رسالة سماوية لأقوى مخلوق على وجه الأرض..رسالة لوحشيته أن تتهذب ..و لقسوته أن تلين..أن ارفق بأخيك الإنسان من دون تمييز جنس و لا عرق و لا لون ..أن ارفق بطفلٍ خُلق ضعيفًا لتحميه و تحنو عليه.. و تكون انعكاسًا للإنسانية فيه .. فالله امتحن قلبك به فانظر إن انتُزعت الرحمة منه أم أنها ما تزال فيه ؟!
أنْ ارفق بنفسٍ مخلوقةٍ من ضلعك المعوَّج ..فليس لك حق استقامته و إلا كُسر ..و لكن لك حق الرفق به و قبوله و تقبله ..و له حق الإستناد عليك ..و اللوذ بك ..فإنَّ المرأة تصلح باللين و الإحسان ..و تعطب بالقسوة و الجفاء.
أن ارفق بالحيوان ..فعند الله شربة ماءٍ لكلبٍ عادلت الجنان.. و حبس قطة استوجب النيران ..و لربما عملٌ صغير .. و رفقٌ يسير بذات روح تدب على هذه الأرض استوجب رحمةً من فوق سبع سماوات ..فهل من متدبر؟! فما أرى اليوم إلا بشر استخلفهم الله على أرضه فانقلبوا وحوشًا فاقوا الوحوش وحشية ..إلا من رحم!!