فايروس كورونا وهرم ماسلو



بقلم الأستاذ / تركي عطية الثبيتي

اتصلت بصديق مقرب جداً ، وقبل أن يتم الإتصال سمعت رسالة تحثنا على التباعد الإجتماعي ، أنهيت الإتصال في غضون 19 ثانية وكانت عادتي بالحديث معه ، تمتد لربع أو ثلث الساعة ، نعم لاجديد يستحق النقاش .

عدت للتفكير في لفظة التباعد الإجتماعي ، أخذني التفكير لأبعد من ماكنت أتوقع ، فكرت في الإحتياجات حسب هرم ماسلو ووجدت فايروس كورونا جعلنا نفكر فقط في الحاجات الفسيولوجية وحاجات الأمان .

هوت الحاجات الإجتماعية وأصبحت منبوذة ومؤرقة لنا ، بل أننا كمسلمين لم نعد نزور والدينا حباً لهم وخوفاً عليهم وشفقة من هذه الجائحة المستجدة ، أصبح المسلم المأمور بصلاة الجماعة يأثم إن خالف أمر ولي الأمر وهيئة كبار العلماء بالصلاة في المنازل ، كان من حق المسلم على المسلم تلبية الدعوة وعيادة المريض والمواساة في العزاء الآن أصبح العكس هو ديدن المجتمع ، ربما يحتاج هرم ماسلو للدراسة في ظل الأوبئة والطواعين .

لفتة غير مقصودة بإتجاه النافذة جذبتني للتمعن وتحديق النظر ، أحد شرايين محافظة الطائف في الربط بين الأحياء وتسلكه يومياً عشرات الألوف من المركبات لم أرى فيه إلا رجلي أمن وبجانبهما مركبة عملهما .

كنا نحث النشء بالخروج لطلب الرزق ونطلب من المرء تغيير روتينه اليومي بزيارة الأقارب والأصحاب وممارسة الرياضة ، والآن نراه بطلاً قوميا يحارب وباء كورونا إذا ما مكث في المنزل .

حاولت التماشي مع طارئ حظر التجول بالمكث في المنزل مع أن الكاتب والصحفي لا يستطيع ذلك لحبه للميدان ولكن إيماناً مني بأن أصبح بطلاً قومياً يحارب الكورونا ، غيرت في ترتيب بعض الأثاث وإقتناء المزيد من الكتب وعمل شيء من التغييرات والتي كان منها جهاز المذياع ( الراديو ) وقد سمعت في إحدى المحطات الإذاعية فتاوى تجرم من يصل الرحم وتدينه إذا ما نقل لهم ذلك الفايرورس ومن تعمد نقل المرض يقتل تعزيراً .

كعادة الكثير من البشر أجلس وبجانبي هاتفي وأسارقه النظر وأقراء شيئاً من الإشعارات وأنا غارق بالتفكير، ومن ماقراءته ارتفاع سعر لعبة الكيرم من 60 ريال إلى 250 ريال ومن 80 ريال للنوع الجيد إلى 400 ريال، وددت لو أنني كنت جامعاً لمن يضيع عمره ويفني أيامه بالترفيه كيما أرشده على قانون الاضافة البسيطة حتى يستطيع أن يقلب محنة العزل إلى منحة الرقي بالذات وإصلاح ما فات من تضييع أوقات وإهدار طاقات في غير الأولويات .

واختتمت سرحاني وتفكري بما ينسب لإبن القيم الجوزية‏( لا يُبتَلى الإنسان دوماً ليُعذَّب وإنَّما قد يُبتَلى ليُهذَّب ) .