اصبروا و صابروا
بقلم الأستاذة : نسيبه علاَّوي
مرَّ علينا أشهر في الحجر .. وهناك من التزم حرفيًا به و هناك من تملَّص و تفلَّتْ،و لولا أن أجبرتْ الحكومات مواطنيها على الحجر لرأينا الناس كالبحر يموج بعضهم فوق بعض .. و أُخذ الملتزم بالحجر بجريرة المُتفلِّت و لم يسلم أحد من لعنة هذه الجائحة.
و مع الأيام ثَبتَ ألَّا علاقة لمستوى التعليم بدرجة الوعي لدىٰ الإنسان .. و أنَّ الوعي يأتي من درجة حسِّ المسؤولية و الوطنية الشائعة في مجتمع ما من المجتمعات .
يؤلمني حقيقة ما تناقل لي من قصص لأناس بريئة أُصيبت بداء الكورونا و نقل إليهم المرض فرد من أفراد العائلة -مستهتر -بكل بجاحة ، يتنقَّل من مكان لآخر غير آبهٍ بالمرض و لا بالتعليمات ..و يُخالط المرضى في المستشفيات ثم يحمل الفايروس و هو لا يدري.. و يجتمع بأهله و زوجته و أطفاله ، و أصاب بالهلع كلَّ من خالطهم و خالطوه .. فتحلُّ الكارثة !! و تكون المصيبة الكبرى في حمله لأعلى الشهادات ، و ربما كان طبيبًا أو مهندسًا أو معلمًا فتكون المصيبة مصيبتان !ناسيا و متناسيًا أنّ “كلكم راعٍ و كل راعٍ مسؤول عن رعيته” كما أخبر الهادي عليه الصلاة و السلام.
و القصة الثانية ربما فيها من الألم الأكثر و الأعمق .. فهو أبٌ محجور مع عائلته في بناية واحدة..و قد خرج بعد مدة مضطرًا للتموين ، فكانت العدوى من عمَّال المحال التجارية ،و نقلها له و لعائلته و هولا يدري فانتشرت فيهم انتشار النار في الهشيم و توفيت زوجته على إثرها ،و رقد هو في العناية المركزة مطروحًا بين يدي رحمة الله ،و إنا لله و إنا إليه راجعون.
و أخيرًا قيل : إنما الصبر بالتصبر و الحلم بالتحلم و العلم بالتعلم، و هذه الأيام لأحق و أجدر بالصبر و المصابرة..فما هي في حياتنا إلا لحظات سننظر لها بعد حين بإذن الله كفترة مرَّت و ذكريات انجرَّت.. و لكننا كنَّا على قدر مسؤوليتها و حساسيتها ..ننظر لها بفخر المنتصرين الذين ما ضرَّهم صبر أيام و شهور في سبيل إنقاذ حيواتٍ كاملة لهم و لأجيالهم ، فلنرفع مستوى وعينا و إدراكنا -فردًا فردًا -لحساسية ظرفنا هذا .. و ليكن للعقل الكلمة الأولى و التحكيم الأوعى بعيدًا عن عواطفنا و أهواءنا فإنما النصر صبر ساعة .