بوح الأقنعة



بقلم : نسيبه علاَّوي

تستيقظ و ليس في نيتك النهوض..تصلُ أحلام النوم بأحلام اليقظة، بنصف وعي و نصف عين ترمق الموجودات حولك فتموج في بعضها لتُغلق عينيك – مرة أخرىٰ-ضجرًا ، نهارٌ آخر أو ربما ليل ..لا فرق ..الأيام تجري على عجالة و سيَّان عندك بين عجالتها و بُطئها فما عادت هي بمحور الكون، “فلتمضي مثلما تريد وكيفما كان ” تُردد في داخلك بانطفاء ،شجاعة عظيمة تتطلب إرادتك لتبدأ بيومٍ جديد..بنفس النمط و الوجوه و الواجبات و الشروق ثم الغروب ..بنفس حِمل القلب و دوامات أحزانه ..لا شيء يستحق و هذا ما يستحق كلَّ ذلك!!

بعيدٌ جدًا مثل نهاية بحرٍ موهومة يُشير لها إصبع! حاضر الجسد بروحٍ هاربة ..كنجمٍ قديم غائر في الأبدية لا نية له بالرجوع ، تعيش اللحظة بغشاوة الماضي..فلا يتضح لك واقع إلا و قد تخللته ذكرى ما فتبتسم في الوقت الخطأ.. و تعبس في غالب الأوقات !!
يغطس وجهك في الشاشة الآسرة..فلا يعود لوجودك أثر..مسجون العينين.. و اليدين، غائب الحضور ..حقيقي الإفتراض..فلا أنت هنا و لا أنت هناك ،قد أكل منك جهازك و شرب،و أنت عازمٌ على التيه فيه..متلذذًا بالقيد..ممعنٌ بالهروب !!

أنت في كل حالاتك “سخطٌ” مكتوم .. امتطيتَ هذا القناع الزائف منذ زمن وعيك .. و قد تقادم الآن و بدأ يتفتَّتُ اهتراءً، لم يعد يستر لذعة سخريتك.. و لا صرخات شكِّك..و لا هزيم حزنك و صهيل حيرتك ، بالكاد هو يُغطي افتضاح اشمئزازك و لمعة دمعك..و تجاعيد قسوتك ، تقول لا و بقلبك نعم موؤودة.. الرضا ظاهرٌ منك و في عينيك نارٌ مضرومة.. قلبك هاوٍ و نفسكَ مشكومة..و العقل؟ ما باله يرفض المنطق و يُشكِّكُ بكل معلومة؟ !!
هي الجروح -يا صديقي-إذا تراكمت على هيئة سنين..و الدروس التي تلخصت فصارت خبرات.. و الأسئلة التي طُرحت على شكل أجوبة ،فأيوب هو الصبر فبأي يقين يشُك؟! و أنت هو الحريق فمن أيِّ نارٍ تخاف ؟!