لا تُكرمني



بقلم المهندس : حسام بن حسين عضو ملتقى المبدعين

في ليلة من ليالي السعادة، دُعيتُ الى حفل تكريم أُناسٍ حفرنا قبورهِم منذ سنواتٍ طوال … هُم في الحقيقة قد نقشوا أثراً جميلا على قلوبنا قبل ذهابهم للحياة البرزخية الحقيقية المؤكدة في كتاب الله وسنته .
والشاهد على تلك السعادة “دمعةُ” رجُلٍ كان يجلسُ بجانبي، تقف بين جفنه وسواد عينيه تنتظر رمشةً تُسيلها عُنوةً على خده ومن خده إلى كتفه راحلة إلى قلبه لتطفئ نار الغرابة عما هو:

أين أنا من هذا التكريم؟

أين أنا من حفاوة الحب والتقدير والامتنان وأنا في حياة الدنيا؟!
أهم ينتظرون حفر حفرة حياتي البرزخية ليكرما أفعالي وأعمالي؟!
لا أُخفي عليكم سراً! خفتُ على نفسي وتنفس قلمي كاتباً : لست قلقاً من موتي..
فحقاً سيذكرونني بخير..
فنحن أمه أتقنت وأبدعت فن التعامل مع الميت البالي.
وسيحتفون بفعلي إن ووريت الثرى
وسيذكرون محاسني وقت الضحى

ونرى الذي كان يكيدُ لمبسمي ومَفًّعلي
فهرس جميع محاسني ومراسمي

سيُغرد بها عند المعزي المحتفي
ذاك الجميل جماله من روعتي

فرجاءً ياسادتي ..
رجاءً لا تحتفوا ..

فأنا المشاعر ذاتها والمحتوى
وأنا الذي عشق الحياة حتى اكتوى

كرمت نفسي بعزتي وكرامتي
وبحسن ظني في جود ربي الأكرم

فسألتكم باسم الكريم كرِّموا
أحياءكم قبل الممات البرزخي

فالطين يعصُرني وكلِّي مُقعدٌ
في وسطِ لحدٍ هادئ بل مُفعمٌ

ببياض كفنٍ بائس مترقبٌ
نور الرقيب الباري المُقسطِ

وبرحمة الغفار الغافر
لسوء البعض من مرسمي

داخل برزخٍ باهي ببعض الجميل من مفعلي ،فالحي أبقى من البالي الميتِ ، فكرِّمُوا أمواتكم … عفوا! بل أحيائكم قبل الممات المؤبّدي
وتذكروا أن ‫رحيلَ الموت‬ هو امتداد طبيعي لهذه الحياة وأنه مجرد انتقال من مكان إلى أخر ‏ومن واقع إلى واقع أخر مختلف في مزاياه وخفاياه.

لذا دعوا أمواتكم في قبورهم ينعمون برحمة الرحمن الرحيم وكرموا أموات الغد والأرواح في أجسادهم قبل ذهابها لباريها وأحسنوا إليهم …. وكرِّموا أموات اليوم بالدعاء أو بماءِ سبيلٍ أمام باب مسجدٍ، أو في حي من أحياء الفقراء.