و رُبَّ جائحةٍ نافعة



بقلم :نسيبة علَّاوي

لعَّل هذا التعطل في حياتك هدنة
ما بينك و بين “ضجيجها” الذي كان يشعل وقتك حروبًا لا ناقة لك فيها و لا جمل ..تسعى كالملدوغ في كل الدروب.. لا وقت حتى لتلتفت تساؤلًا، و لا مجال لأن تقف لبرهة لتدرك ما الذي أنت ساعٍ إليه.. يسري سمّ اللهاث هذا إلى جميع عروق حياتك فيلوثها جانبًا جانبًا.. تُسحق بدولاب زمنٍ لا يرحم..يدور و يدور فيرتدُّ إليك ما تُقدِّم معروفًا و صفعات ! تستمر في التلاشي و في البال قطعٌ من ومضاتٍ و حكاياتٍ و أمنياتْ..المسألة الأزلية هي أنْ تكون أو لا تكون ..عالمٌ يشدُّك إليه بأحبالٍ خانقة تُحرَّك وفق قواعده الجهنمية .. و ما عليكَ إلا الإذعان ..و تمثيل الدور -و لو زحفًا- حتىٰ النهاية!!

حسنًا.. لا بأس..و ربَّ جائحةٍ نافعة! الآن و الفراغ يُحيط بك من كل جانب.. تُقلِّب في هواياتك المنسيَّة.. تبدأ رويدًا رويدًا بخوض مخاضٍ محتَّم قد أجَّلته طويلًا لولادةٍ جديرةٍ بروحك.. فعقارب الساعة قد عقدتْ معكَ- أخيرًا- مهادنة..فكفَّت عن لدغاتها.. بإمكانك أن تتثاوب الآن بعددٍ لا متناهٍ من الساعات.. و أن تتمطَّىٰ لأيامٍ عديدةٍ أُخرْ.. ثم تنامُ لشهورٍ طويلةٍ لا تُعدْ!! أنتَ الآن مَلِكُ زمانك حقًا لا مجازًا .. بعدَ أن كُنت مِلكَ زمانك و هناك فرقْ ، الأعلى يسقط أدنى اللاشيء ..و الأدنى يصبح هو الأولوية القصوى لديكْ.

جملتك المعهودة : “لا وقت لدي” قد تحولت لبحارٍ مطَّاطة من الزمن الأجوف..و أنتَ غريق مع سبق الإصرار و التحمُّس..غريقٌ بإرادتك في رغبةٍ منك لإكتشاف العوالم المخفية عنك.. التي اختفت و أنت تجدِّف باتجاه واحد في زمن اللهاث ذاك ..و ما كلَّفتَ نظرك أن يلتفتَ ليعثرَ بها!

هذا أوان الإنجاز .. حتى لو عن بُعد.. أنجز كل ما حلمتَ به و خانتك عنه الأشغال.. اقرأ لأُميَّة معارفك و اطلاعاتك.. و ارسم خربشات خياالاتك و مخاوفك.. و صلِّ حبًا و تأنٍ و اإتقان .. و ارقص مع الأفلاكِ نغمة نغمة.. و تحسَّس نبضات الحياة في أزهارك.. قمْ و انتصر لهزائمك الصغيرة .. و رتِّل الإبتهالات لله ترتيلًا.. قالوقت يُباركك .. و قد توقَّف -بغتة- لحُسنِ حلمك..فلتفعل ما تُريد!