الشيطان يتبرأ !!



بقلم : نسيبة علَّاوي

مرَّ رمضان.. و أدركنا -أخيرًا -الحقيقة المرَّة ..ليس الشيطان من يُوسوس..و لكنها نفوسنا بالسوء أمَّارة..و كانت وسوسة الشيطان شمَّاعة لنا ..
عليها علَّقنا الخطايا و الذنوب..أنفسٌ ناهيةٌ عن الخير..تمرُّ عليها مغريات و شهوات….لا تكاد تثبت..و بالكاد تُطيع.

لم تكن -هذه النفس-وليدة اليوم.. إنها نتاج تربية شاقَّة كما الطفل تمامًا..منذ الصغر وجب طرقها بالوعظ ، و تشكيلها كما يُحب الله.. فإن النفس تشغلك بالباطل إن لم تشغلها بما هو أحق ، ثم استتابتها استدراكًا بالشباب .. و ترهيبها بسوء الخواتيم..و باطِّلاع خالقها عليها ، و تأديبها حتى الكِبر و الشيخوخه.. فإنها نفوس -على اختلاف مراحلها- ملولة ..جزوعة.. متعتِّقة.. يمر عليها الهوى في كل حين.. فلا تزلْ تأخذُ بخطامها و تكسر من جماحها .. إلىٰ أن تُروَّض علىٰ الطاعة.

هبط آدم نادمًا مكسورًا علىٰ ما اقترفه.. أحقًا كان مُغررًا به من الشيطان لوحده ؟! أم أنَّ ندمه كان على ما اجترَّته إليه “نفسه” قبل كل شيء ؟!.. إذ ما زادته وسوسة “شيطانه” إلا إصرارًا على الخطيئة..و كانت تحصيل حاصل.. إذ أنَّ نفسه كانت راغبة في الإقتراف.. ممعنة في الغواية؟!
إنَّ في ذلك لعجبا!! و الأعجب من ذلك هو تبرؤ الشيطان بذاته من إغواء بني آدم ..فيقف يوم القيامة علىٰ منبر من نار يسمعه كل الخلائق فيقول:”ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني و لوموا أنفسكم” فيال الخسارة العظيمة ..و يال الندم القاتل حينذاك..هي النفس إذًا..هي النفس.

و بعد هذا كله .. أفما آن لهذه النفس أن تجنح للطمأنينة..فتطمئن صلاحًا ..و طاعة .. و تسليمًا ؟ هلَّا جيَّشنا الملامة عليها .. فلا تُوسوس بنا إلا و أقمنا اللائمة عليها إلى أن تُردَّ للحق و الصواب؟!
هذه النفس -اللّوامة- التي أودعها الله في قلب كل مؤمن ..فما تزال به جهادًا حتىٰ تدخله الجنَّة..هذه النفس التي ما يعلم ببوحها .. و وساوسها ..و قلقها.. و رجوعها ..و انقلاب حالها..إلا الله .. و هو أقرب منَّا إليها ..
فلا تغُرك نفسك حين تُلقي بالذنب على الشيطان ..و تتلبس رداء البراءة .. فما كان كيده إلا ضعيفًا !!