الوعي والمسؤولية
بقلم الاستاذ : عواض الثبيتي
الوعي هو الفهم وسلامة الإدراك ، ويعبر عن الحالة العقليّة التي يتم من خلالها إدراك الواقع والحقائق الّتي تجري حول الفرد، عن طريق اتّصال الإنسان مع المحيط الّذي يعيش فيه، والوعي قد يكون وعياً حقيقياً بطبيعة القضايا المختلفة المطروحة حول الإنسان، فيصبح حُكمة وتقديره لها صحيحا، وقد يكون وعياَ زائفاً؛ لا يدرك الأمور على حقيقتها التي تجري عليها، مما يجعل الحكم على مختلف القضايا والأمور التي تجري من حوله حكماً خاطئاً لا يستطع مقاربة عين الصواب بأيّ شكلٍ من الأشكال.
والوعي في علم النفس : شعور الكائن الحي بما في نفسه وما يحيط به
وقد كتبت عن الوعي مقالة بهذه الصحيفة الغراء بتاريخ 26 رمضان المبارك 19 مايو بعنوان (مشكلة الوعي)
أما المسؤولية فلها عدة مفاهيم وأنواع
فالمسؤولية الأخلاقية الفردية: هي شعور الإنسان وإلتزامه أخلاقيًّا بنتائج أعماله الإرادية وتحمله تبعاتها فيحاسب عليها إن خيرًا أو شرًّا.
والمسؤولية الاجتماعية: التزام المرء بقوانين المجتمع ونظمه وتقاليده.
وقد جاء ذكر المسؤولية في القرآن الكرم في آيات عديدة نذكر منها:
قوله تعالى ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ(.
وقوله تعالى﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى)
وقوله تعالى﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾
وفي السنة جمع الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما جميع أنواع المسؤولية
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول”كلكم راع ومسؤول عن رعيته, فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيه , والرجل في أهله راع وهو ومسؤول عن رعيته , والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها , والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته ”
وفي هذه الظروف الصحية الاستثنائية يفترض أن يزيد وعينا وشعورنا بالمسؤولية تجاه أنفسنا وأسرنا ومجتمعنا، وأن تعبر سلوكيتنا عن شعار (كلنا مسؤول)
لكن بأخذ جولة على الطريق السياحي الوهط ـ الشفا وملاحظة سلوك المتنزهين تكاد تجزم أن 80% أو أكثر من أفراد المجتمع والمقيمين لديهم مشكلة في الوعي و غير قادرين أو غير مؤهلين لتحمل مسؤولية أنفسهم فضلا عن تحمل مسؤولية أسرة بمكوناتها أو تحمل مسؤولية مجتمعية ، فقد شاهدت على مدى يومين سلوكيات تنذر بكارثة إن لم يتداركنا الله بلطفه وتتحرك الجهات الرسمية لوضع حد لهذا العبث والاستهتار بالتوجيهات الرسمية والصحية ، ولجم جشع الجشعين الذين لا يفكرون إلا في مصالحهم الخاصة ، والكسب المادي مهما تكون نتائج جشعهم ضاربين بصحة المجتمع والأنظمة عرض الحائط ، و تتمثل هذه السلوكيات في:
1ـ انتشار الدبابات الترفيهية على امتداد الطريق السياحي الوهط ـ الشفا ،والتي قد تكون مقابضاها ملوثة أو يلوثها مصاب أو مصابه ،
2ـ تخلي كثير من المتنزهين (من أهل الطائف ومن سكان مكة وجدة ) عن مسؤوليتهم وعدم أحذ الاحتياطات اللازمة للحد من انتشار الوباء وذلك باستئجار الدبابات ، فلا ترى دبابا إلا طفلا نازل من عليه وطفلا يركب ، وامرأة أو بنت تنزل وأخرى تركب لوحدها أو برفقة بعض الأطفال ، غير مكترثين بما يهدد صحتهم ويهدد صحة المجتمع بأسره.فأين الراعي وأين المسؤول ؟
3ـ استخدام بعض الأطفال للملاهي المنتشرة على الطريق من التقاء الطريق السياحي بطريق الشفا ـ الحدبان ـ حتى الفرع ، والتي ينطبق عليها ما ينطبق على الدبابات.
4ـ انتشار سيارات الأيس كريم وتهافت الأطفال عليها ووضع بعضهم أيديهم على نوافذ البيع والتي ِقد تكون غير آمنه.
5ـ تجمع الأسر والبشكات في المناطق السياحية المذكورة وقد يكون بالهدا كذلك بطريقة لا تحقق التباعد الاجتماعي وبشكل ملفت للنظر.
بهذه السلوكيات غير المسؤولة والاستهتار سنعود للمربع الأول ، وستغلق مساجدنا وتعلق الصلاوات بها وقد تضطر الدوله الفرض حظر التجوال مرة أخرى ولمدة أطول وقدتفلق مدن ومحافظات ، وسيطول أمد الوباء ولن نتمكن من العودة لأعمالنا ووظائفنا في القريب المنظور ، ولن يعود أبناؤنا لمدارسهم وجامعاتهم مع بداية العام الدراسي، و سيكون هناك خسائر كبيرة في الأرواح وفي الاقتصاد الوطني
يا مسلمين اتقوا الله وتحملوا مسؤوليتكم ، فالمسؤولية يتبعها المساءلة، هل تريدون أن تعيّن الدولة لكل مواطن خفير يتابع سلوكه ؟ لأنه غير مؤهل لتحمل المسؤولية ، الدولة لا تريد التضييق علينا وحملتنا المسؤولية وترجو أن نمارس حياتنا بشكل طبيعي و( بحذر) ، وما ذكرته عن الطائف أجزم أنه ينطبق على كثير من مدن المملكة ومحافظاتها ، وإلا لما حدثت هذه الطفرة في أعداد الحالات المصابة وأعداد الوفيات رحمهم الله .
فقط نأخذ الاحتياطات ونلتزم بالتوجبهات ونصبر ونتوكل على الله ونسأله أن يرفع عنا الوباء و ألاّ يكلنا إلى ضعفنا ولا إلى احتياطاتنا واحترازاتنا فلله الأمر من قبل ومن بعد