ضحية كذبة …



بقلم . أ : خلود السالمي

أبدأ معكم الجزء الأول من قصتي والتي أسميتها ضحية كذبة، حيث أنها تجربة حدثت لي، وأرغب في أن تشاركوني فيها، حتى لا تكونوا ضحايا في المستقبل، فالألم الذي حدث لي جعلني أرى مجتمعي وأبكي قهراً وألماً على قصتي أولآ، وعلى المجتمع الذي نعيشه ثانياً، حيث أصبح هذا المجتمع كاذب إلى أبعد درجة، وقصتي الغريبة التي جعلتني ضحية كانت عبارة عن سلسلة أكاذيب مِن أشباه الرجال الذين عملوا قصصاً لم أشاهدها حتى في المسلسلات الهندية، وقد فعلوا ذلك بسبب النقص في نفوسهم قبل النقص في العقول، فتحولت قصتي من أفواه الكاذبين إلى أذاني الظالمين، وبالآية الكريمة التالية غير مبالين : ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهاله فتصبحوا على ما فعلتم نادمين .

حكايتي والتي اضطررت لِسردها لكم بأجزاء تُجْبرني على أنْ أقول لكم أولاً تفاصيل طفولتي، حتى تصلْ لكم شخصيتي، حيث كنت الطفلة التي تضحك كثيراً، وحالها حال بقية الأطفال تلعب بألعابها، وفي كلّ مرة تشتري علبة ألوان، ترمي القلم الأبيض جانباً وحين كانت تسـألني أمـي لماذا ؟

أقول لـها لأنه لا يلوّن،

كنت لا أعرف أبداً معنى للحقد والكراهية،وحينما بدأت السنين تسير سنة تِلو الأخرى، وجدت نفسي البنت الجامعية التي يجب أن تحصل على شهادتها، وهذا ماحدث ولله الحمد، حيث تجاوزت المراحل الدراسية، وتقدّم لي أحد أبناء هذا المجتمع للزواج، وهو رجل محترم جداً، واحتراماً له ولعشرتي معه، لن أقول أكثر من أنّ حياتي معه كانت الحياة التقليدية بين الزوجين والتي يكسوها الفرح أيام والحزن أياماً أخرى، وكذلك الحلاوة والمرارة، وكان واجبي بأن أكون المرأة التي تتحمّل كلّ شيءٍ، خاصة وأنا أعلم بأنّ غالبية الحياة تكون بهذا الشكل وبعد معاناة زوجي مع المرض شاءت الأقدار بأنْ أفقدْه رحمه الله، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته، عـِشت بعد وفاته ما بين تكذيب هذا الواقع أو تصديقه، ولم أشعر بحقيقة ذلك إلّا حينما استلمت بطاقتي والمكتوب فيها أرملة، تعلمت في دراستي هذه الجملة ولا أنساها ما حييت :

تعلموا فعل الخير . اطلبوا الحق، انصفوا المظلوم . اقضوا لليتيم. حاموا عن الأرملة، لن أكذب عليكم إنْ قلت لكم بأنّ هذه العبارة حفّزتني لِحياة جديدة لعلّ يكون فيها خيراً قادماً، كلمة أرملة جعلتني أتحمّل مسؤولية 4 أطفال، يجب أن أكون لهم الأم الحنونة، والأب القاسي في نفس الوقت، حتى أصِلْ بهم للمستوى الديني والعلمي والأخلاقي الذي أبحث عنه، بدأت أرى أبنائي يكبرون أمامي، وقصتي التي اخترت لها عنوان ( ضحية كذبة ) تبدأ من خلال عراك المجتمع مع الأرملة، وهو العراك الذي أيقنت معه جيداً لماذا الأبيض لا يلوّن حينما كنت أشتري علبة الألوان، لأنـه صـادق ونقي لا يزيـّف الحقائـق ولا يعطيـها سـوى لونـها الحقيـقي فقط،

انتظروني في الجزء القادم .