رياء تحت جنح الديات



بقلم / خالد بن محمد العويش

سباق محموم نحو دفع ديات هنا وهناك ومعركة لا هوادة فيها بين مهايطي الزمان وايقاظ لنعرات قبلية وتفاخر غير مسبوق في سباق (من يجمع أكثر؟ ) هكذا هو المشهد اليومي الذي بدأ يدب في أوردة وشعيرات المجتمع السعودي .

والمؤذي جداً تعمد جامعي الهبات نشر قوائم المتبرعين والمبالغ التي دفعوها لشيخ القبيلة أو الفخذ أو كبير القوم وأصبح ذلك وسيلة لاستنقاص الناس وإعادة جدولة المقامات وفق تلك الاعطيات .

هناك فئة من المجتمع لا يجدون قوت يومهم أو لديهم التزامات مالية تمنعهم من يد المساعدة ابتغاء وجه الله وليس للتفاخر .

لا أستطيع أن أعمم أن كل من تبرع مرائي ولكن طريقة الجمع والعرض يشوبها ويصيبها ويكاد ان تقتلعها شائبة الرياء .

الحكومة وضعت حساب بنكي لكل حملة تبرع بإشراف إمارات المناطق وهناك توجيهات صارمة من وزارة الداخلية بمنع جمع التبرعات النقدية إلا أننا نرى مشاهد توحي بأن هناك أموال قد تؤخذ عن طريق هؤلاء ممن تصدوا لجمعها .

نحن مع التكاتف والتعاضد والمساعدة لمن يستحق أن تجمع من أجله الديات ولكن ليس بمثل هذه الطريقة الملوثه والتي بلا شك تؤذي أهل القتيل لما فيها من إظهار لصور الانتصار والفرح في جمع تلك الأموال ونسوا أن هناك أرواح قد ازهقت ولم يبق لهم في دنياهم إلا حقهم في الاقتصاص الذي وضعه الشارع بأيدي ذويهم فمنهم من يفرط بذلك ومنهم من يتسول به الدراهم لتبلغ الملايين ومنهم من يعفو لوجه الله وما أكثرهم ولله الحمد ومنهم من يطلب القصاص .

نتمنى أن تمنع مثل هذه المظاهر التي أصبحت مسرحاً لاستعراض الملاءة المالية للأفراد والجماعات ومنبراً للاشادة بهذا أو ذاك وفق مايفت من نقود على طاولة الديات ، مهما حاولنا إحسان الظن بذلك إلا أن المقاطع والشيلات والقصائد تجعلنا نعتقد غير ذلك ليس في الكل بل بالبعض الذي ملأ الأرض ضجيجاً بتلك المكتسبات الواهية .

هناك فئات قد أوقفت خدماتهم وهناك من يستجدي فاتورة كهرباء أو قد حزم متاع بيته مطرودا من منزل عجز عن الوفاء بقيمة إجاره وهناك المرضى الذين لايجدون قيمة علاجهم فأين هؤلاء منهم ؟!

بلا شك أن إمارات المناطق تنظم حملات تبرعات مالية للمسجونين والمعسرين كل عام ولكن أين تعاطف المجتمع مع تلك الفئات طول العام والتي لن تصل لقيم تلك الدبات ؟!