الفراق صعب ولكن إطمئن ..
الكاتبة | خلود السالمي
لو عشنا أياماً أو أعواماً لن يمرّ علينا شعوراً أقسى، وأمرّ من الفقد والرحيل والغياب الأبدي، وليس الغياب المؤقت الذي لا نعريه إهتماماً .
العذاب كله بأننا لا نرى ولا نتحدث مع من فقدناهم، ولن نتشارك معهم لحظات حياتنا حلوها ومرها،هذا هو العذاب الحقيقي، لعلّ الأقدار أبعدتهم، من بيننا في غمضة عين، ولا نقول إلّا:
تبكي عيون الأنام قرّتها ونورها بينهم وبهجتها،
وددت لو أن بالعمى قد اكتحلتْ ولم يغب من يزينُ نظرتها،
والكِبْدُ يا ويح كبدِ ناضجة والنفس هدّ الفراق قوتها،
شعورنا والاشتياق لرؤيتهم ولو لدقيقة موجعة حقاً، لحدّ الألم وسقوط دموعنا من شدة الاشتياق لهم حرقة ليس لها دواء،
عندما يحول التراب بيننا هنا نقول بأنّ الشوق لغيرهم ليس له معنى، سبقونا الى دار حق، ﴿وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرورِ﴾ الدّنيا زائلة ياسادة ولا تدوم لأحد، فالناس في هذه الدّنيا مُسافرون.
فما هذه الدنيا إلا افتراق واجتماع وفرح وحزن وميت ومولود، فلتطمئن قلوبنا، فقد وعد الله عبادة الراضين الصابرين أجراً عظيماً وفضلاً كبيراً.
لو تدبر العبد قول الله تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ.الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} ما أعظمه من فضل لمن صبر على قضاء وقدر الله،
فلتطمئن قلوبنا .
لو تأملنا قوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لله أرحم بعباده من الوالدة بولدها))، فأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء، رحمة الله هل تُنال بالندب والغضب ، أم بالرّضا، لن تنال رحمة الله عزوجل إلّا بالرضا بأقداره،
الرضا بقضاء الله وقدره من أعظم ما يرزق به الإنسان ، وهذا لا يتحقق الا مع الشكر الدائم لله تعالى، من أجمل ماقال الطنطاوي وهي وصية الطنطاوي الأخيرة قبل وفاته : فما هي السعادة ؟
السعادة : يا سادة تأتي من داخل النفس لا تأتي من خارج أقول لكم ما السعادة في كلمة واحدة وهي الرضا،
.. لا تبك ..
إذا فقدت شخصاً عزيزاً عليــك قد مات ..
فهو أمانــة وقد اختــار الله أمـآنتـه،
ولا تعترض على أقدار الله،
وختاماً، تعرُضنا لفقد حبيب أمر صعب علينا ومفجع ويترك ألماً،
ولايبقى لدينا إلّا الذكريات ، وواجبنا الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة وأن يجمعنا بهم في جنة عرضها السموات والأرض،
وسوف تشرق الشمس مرة أخرى في يوم من الأيام. وسوف يظهر بريق الأمل وتستأنف حياتنا حتى ولو لم تكن كما عاهدناها تمامًا في الماضي.