البيئة ستنتقم ..
الكاتب | عواض الثبيتي
البيئة هي مسكن الإنسان ومستقره في الحياة وبعد الممات وهي الوسط الذي يعيش فيه الكائن الحي وبشكل عام هي جميع الظروف الخارجية التي تؤثر في الكائن الحي ويتأثر بها ويُشار إلى أنّ كلمة البيئة باللغة الإنجليزية بمصطلح (Environment)، اشتُقّت من الكلمة الفرنسية (Environ)، وتعني المحيط بما يحتويه من عوامل حيوية أو عوامل أحيائية كالإنسان، والنباتات، والحيوانات، والميكروبات، وغيرها، وعوامل لا حيوية أو عوامل لا أحيائية كالماء، والهواء، والتربة، وغيرها وبعيدا عن المعاني العلمية فإني اقصد في هذا المقال الجزء الطبيعي من البيئة أو ألاّ (أحائي) ( اليابس والماء والهواء) وسأركز على اليابس والماء لأن التلوث فيما واضحاً ودائماً ويزداد سوءاً يوماً بعد يوم حتى تكاد تسمع صراخهما وتألمهما مما فعل الإنسان بهما.
فأينما يممت وجهك على اليابسة أو الشواطئ التي وصلت لها أقدام الإنسان االمتمدن وليس المتحضر تجد أكوام النفايات التي تزكم الأنوف وتوجع النفس وتقذي العين وتؤلمها وتغتال حلم الاستمتاع بجمال الطبيعة والترويح عن النفس بين أحضانها ، حتى وأنت تعبر الطرق بين المدن تتضاءل أمام نفسك إذا بقي حياة في ضميرك وأنت ترى أسراب عمال النظافة يجمعون أكوام من النفايات لا قبل لهم بها ولم نكن بحاجة إلى تلك الأعداد الهائلة منهم لو كل منا قام بواجبه وتحمل مسؤوليته حيال نفاياته التي يلقي بها هو وأطفاله من نوافذ سيارته ، وتتألم روحك وأنت تنظر لسفوح الجبال وقد غطتهىا النفايات وشوهت ما فيها من جمال وتكاد تسمع تألم البيئة وتشاهد انكسار روحها ، تبكي الأشجار على ظلها الذي لم يعد فيه مكاناً نظيفاً يتفيأ فيه أحد ، وتنتحب الرياض لأن زهورها تذبل قبل أوان ذبولها فأكوام النفايات توسعها لطماً مع كل نسمة هواء تمر بها، تصرخ الحقول لأنها تتحول إذا هطل المطر إلى وحول من الأقذار والنفايات التي تجلبها الأودية إليها ممزوجة بدموع ألمها فلا تسقي الحقول بالماء بل بالنفايات والأقذار، تئن الحدائق والمنتزهات مما تراكم في نواحيها وزواياها فأفسد بهجة الاستمتاع بالأوقات فيها من السلوكيات المتخلفة وغير المسؤولة لمرتاديها ، التي تعطي صورة غير فقد انتشر فساد الإنسان على الأرض وأصبح واضحاً هنا وهناك في البر والبحر وآثره مدمرة على البيئة مما سيتسبب في اختلال التوازن بين عناصرها ، ولم تعد قادرة على تحليل مخلفات الإنسان أو استهلاك النفايات الناتجة عن نشاطاته المختلفة فأضحت تصرخ بكل تفاصيلها آلمتني أيها الإنسان العابث وسأنتقم .
نعم سأنتقم لرد طغيانك لأن الله وضع لك الأرض وأمرك في سورة الرحمن ألا تطغى قال تعالى ( وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) لكنك لم تلتزم بما أمرك الله ، فبعد استمتاعك بجمالي تعمد يدك العابثة إلى تلويثي وإيذائي وكأنك لست بحاجة إلى خيراتي ولن تعد مرة أخرى إلى نواحيّ وجنباتي وسهولي وأوديتي وشواطئّ .
نعم سأنتقم بسوء خصوبة تربتي فلا يخرج نباتي إلّا نكداً ولن أعد مصدراً للخير والثمار فتشتد عليك المؤنة ، وسأنتقم بملوحة مياهي ولن تجد الماء العذب الزلال لتروي عطشك ، و سأنتقم بالفيروسات والجراثيم والميكروبات لتقتلك الأوبئة وترهقك الأمراض التي لم تكن في أسلافك ، وسأنتقم بتغير طقسي ومناخي وتصحر أرضي لتحرقك وقتدة الشمس في الصيف ويؤذيك زمهرير الشتاء .
نعم سأنتقم بسنن الله في الكون( فلن تجد لسنّت الله تبديلا ولن تجد لسنّت الله تحويلا) يا سادة يا كرام بيئتنا في خطر والخطر الذي يهددها ستنعكس آثاره المدمرة علينا عاجلاً أو آجلاً ولا بد من اتخاذ قرارات تصحيحية مؤلمة لسلوكياتنا ووزارة الشؤون البلدية والقروية معنية في المقام الأول بذلك وهي للأمانة تقوم بجهود جبارة ولكن اتسع الشق على الراقع ، وكما يقول المثل الشعبي يد وحده ما تصفّق فلا بد من دعمها من الوزارات ذات العلاقة بسن القوانين الرادعة لهذا العبث .
حتى تصبح شعارات (كلنا مسؤول ) و( الحي النظيف عنوان ساكنيه) و( اترك المكان أفضل مما كان)و(أبدأ بنفسك ) ثقافة ولا تكون ثقافتنا من أمن العقوبة أساء الأدب .