مما علمتني الحياة ..
بقلم | عبدالرحمن العمري
منذ نعومة أظفاري مررت بتلك السعادة الغامرة التي لا تتعدى ما أُسعد به نفسي من لعبٍ أو فكرةٍ أو كلمةٍ أسمعها من والدي تملأ الحياة فرحاً وسروراً لقاء تصرفٍ طفولي جميل قمت به أو لأنني لمست بيدي الصغيرة ذلك الشي الثقيل الذي أراد أن يحمله والدي لأثبت له قوتي واستعدادي للمساعدة بتلك اللمسة البريئة ،كان عالمي كاملاً تلك السويعات التي تسبق مغيب الشمس بدون كلل من الركض واللعب إلى أن أُجهد واستسلم للنوم العميق مكملاً إسعاد نفسي بحلم نرجسي يحاكي تلك الحياة البسيطة والجميلة.
في غمضة عين وكأنها البارحة أجد أنني أبلغ الأربعين من العمر وإذا بي أعيش ذلك المشهد الجميل ولكن مع اختلاف الأدوار ،فقد أصبحت والداً وولدي ذالك الطفل الحالم الذي يفني ساعاته الممتعة أسرع مني في ذلك الوقت ، ولكنه ليس سعيدا دائما كما كنت في عمره، أنظر إليه وأسأل نفسي ماهي الفكرة التي تتبادر لذهنه لأعيد ارتباطي بعبق الماضي حينما كان هدفي الاستمتاع بيومي إلى آخره ثم أُبحر في ذلك النوم العميق الذي لا أذكر منه إلا ساعة الاستيقاظ لأبدأ رحلة يوم سعيد بأي شكل كان.
سألته عما يجول بذلك القلب الصغير وذلك الذهن البريء ، فانطلق بالحديث متحمساً-كأنه كان ينتظر ان اسأله -عن أساليب التعقيم وطرق نقل العدوى وعن(COVID-19) وليس هذا المهم ولكنه قلق من المستقبل ومن انتشار المرض.
تفاجأت بأن قطار العمر لم يسبقنا بل أسرع بنا وبأبنائنا إلى عصر من النهضة والتطور وأصبحنا في مصاف الدول المتقدمة وفي أحداث متسارعة .
وقفت مع نفسي لأسألها ما إذا كنت في ذلك العمر أعرف معنى كلمة (عدوى) أو الرقم (19) ؟
وتبادر لذهني هل كنت أسمع والديّ يتحدثان عن شيء يجعل الدنيا سوداوية في عينيّ آنذاك ؟أو أن أيام طفولتي لم يكن بها أحداث؟
عرفت أن من رباني هم والديّ رحمهما الله وإخوتي ، محيطي كان مقصوراً على من حولي من أقارب ومعلم فاضل أضاء حياتي بأبجديات الحياة ، التوكل على الله والتفاؤل كان عنوان تلك الحياة بعيدا عن جميع وسائل الترفيه الحالية ،والأجهزة الذكية ،والقنوات الإعلامية التي تبث بلا انقطاع ولاملل باحثةً عن كل مايجذب المشاهد، أو مشهور من أحد برامج (السوشل ميديا) أصبح طبيباً او عالماً بين عشيةٍ وضحاها، وأصبحنا نستقي من كل مكان معلومة، ونسمع أبياتاً منظومة، منها الصواب ومنها الخطأ ،ولا نعلم أين نقف أو متى نقف؟
بعد تلك البرهة القصيرة والتي مرت بذهني وولدي ينتظر ردة فعلي على إحساسه المنطقي وقلقه المبرر على صحة الجنس البشري. مددت يدي لأحضنه وأخبره بأن لنا ربا كريماً حافظاً ولدينا حكومة رشيدة -بقيادة والدنا سلمان الحزم ،وولي عهده حفظهما الله – لم تنِ جهداً بل عملت ما عجزت الدول العظمى عن عمله؛ جاعلةً المواطن السعودي وصحته – بل والمقيم على أرضها المباركة – أهم من أي شيء آخر وتعاملت مع الجائحة بتخطيط استباقي وحكمة كما عودتنا بخطى ثابتة مدروسة ولله الحمد وأصبحنا نرى النتائج وانخفاض النسبة وسنصل إلى الصفر قريبا باْذن الله.